تعالى" يعني بكتاب الله ودين الإسلام فلم يجز أن يملكها بغير ذلك ولأنهم قد كانوا يعتقدون إلقاء الثوب على المرأة نكاحًا وقهرها على نفسها نكاحًا والمبادلة بالنساء نكاحًا وكل ذلك مردود بالشرع فلم يجز أن يصح في الإسلام واستدل على أن طلاقهم لا يقع ولا يلزم بقول الله تعالى: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨] فاقتضى أن يكون الطلاق مغفورًا قال: ولأنهم كانوا يرون الظهار طلاقًا مؤيدًا وقد أبطله الله تعالى وغير حكمه ودليلنا: أن الله تعالى أضاف إليهم مناكح نسائهم فقال في امرأة أبي لهب: {وامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ (٤)} [المسد: ٤] والإضافة محمولة على الحقيقة مقتضية للتمليك وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولدت من نكاح لا من سفاح، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين زنيا، ولا يرجم إلا محصنًا بنكاح. ولأنها مناكح يقر عليها أهلها فوجب أن يحكم بصحتها قياسًا على مناكح المسلمين.
فأما الجواب عن استدلالهم بالخير فمعنى قوله:"استحللتم فروجهن بكلمة الله" أي بإباحة الله وقد أباح الله تعالى مناكحهم بإقرارهم عليها. وأما قولهم إنهم يرون من المناكح بينهم ما لا نراه فهو معفو عنه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يعرف اختلاف آبائهم فيه فلم يكشف عنه.
وأما استدلاله بقوله تعالى:{يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨] فيعني من الآثام دون الأحكام وأما الظهار فبالفسخ أبطل حكمه وحكمه بالطلاق مقر.
فصل:
فإذا ثبت الحكم بصحة عقودهم ومناكحهم والعفو عما اختل من شروطها وأنهم مأخوذون بما أوقعوه فيها من طلاق وظهار وإيلاء اعتبر حال طلاقه فإن كان صريحًا عندهم أجريت عليهم حكم الصريح سواء كان صريحًا أو كتابة لأننا نعتبر عقودهم في شركهم بمعتقدهم كذلك حكم طلاقهم وإذا كان كذلك نظرت فإن كان رجعيًا فراجع في العدة صحت رجعته كما صح نكاحه وكانت معه بعد إسلامه على ما بقي من الطلاق فإن كان واحدة بقيت معه على اثنتين وإن كانت اثنتين بقيت معه على واحدة وإن لم يراجعها في العدة حتى أسلما فإن كانت عدة الطلاق قد انعقدت في الشرك أو بعد الإسلام وقيل الرجعة بانت منه وجاز أن يستأنف العقد عليها فيكون على ما بقي من الطلاق وإن كانت العدة باقية فله أن يراجعها بعد الإسلام تكون معه على ما بقي من الطلاق، وإن كان طلاقها لها في الشرك ثلاثًا فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره، فلو كانت قد نكحت في الشرك زوجًا غيره حلت له إذا أسلم، فلو عاد منكحها في الشرك قبل زوج وقد طلقها ثلاثًا كان نكاحها إذا أسلم باطلًا ولم يجز أن يقر عليه.