والثاني: أن ولده يدخل في ولاء معتقه، ولا يدخل فيه أبوه فافترقا.
والثالث: أن يقبل إقراره بمن ولد بعد عتقه، ولا يقبل إقراره بمن ولد قبل عتقه؛ لأنه بعد العتق يملك استحداث مثله بغير إذن، ولا يملك قبل القطع استحداث مثله إلا عن إذن فافترقا، والله أعلم.
[باب المبارزة]
قال الشافعي رحمه الله:"ولا بأس بالمبارزة وقد بارز يوم بدر عبيدة بن الحارث وحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب بإذن النبي صلي الله عليه وسلم وبارز محمد بن مسلمة مرحبًا يوم خيبر بأمر النبي صلي الله عليه وسلم وبارز يومئذ الزبير بن العوام ياسرًا وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم الخندق عمرو بن عبد ود".
قال في الحاوي: المبارزة في قتال المشركين ضربان: إجابة ودعاء.
فأما الإجابة: فهو أن يبتدئ المشرك ويدعو المسلمين إلى المبارزة، فيجيبه من المسلمين من يبرز إليه، وهذه الإجابة مستحبة لمن أقدم عليها من المسلمين، فإن أول حرب شهدها رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم بدر، دعي إلى المبارزة فيها ثلاثة من مشركي قريش، وهم عنبة بن ربيعة، وأخوه شيبة بن ربيعة، وابنه الوليد بن عتبة، فبرز إليهم من الأنصار عوف ومعوذ ابنا عفراء، وعبد الله بن رواحة، فقالوا: ليبرز إلينا أكفاؤنا فما نعرفكم، فبرز إليهم ثلاثة من بني هاشم: حمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث فمال حمزة على عتبة فقتله، ومال علي على الوليد فقتله، واختلف عبيدة وشيبة ضربتين، أثبت كل واحد منهما صاحبه به، فمات شيبة لوقته، وقدت رجل عبيدة واحتمل حيًا فمات بالصفراء، فقال فيه كعب بن مالك:
أيا عين جودي ولا تبخلي بدمعك حقًا ولا تنزري
على سيد هدنا هلكه كريم المشاهد والعنصر
عبيدة أمس ولا نرتجيه لعرف عرانا ولا منكر
وقد كان يحمي غداة القتال لحامية الجيش بالمبتر
ثم شهد رسول الله صلي الله عليه وسلم بعدها أحدًا، فدعاه أبي بن خلف الجمحي إلى المبارزة وهو على فرس له حلف أن يقتله عليها، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: بل أنا أقتله عليها إن شاء الله، وبرز فرماه بحربة كسر بها أحد أضلاعه بجرح كالخدش، فاحتمل وهو يخور كالثور، فقيل له: ما بك، فقال: والله لو تفل علي لقتلني ثم دعا إلى المبارزة في حرب الخندق عمرو بن عبد ود فلم يجبه من المسلمين أحد، ثم دعا إليها في اليوم الثاني فلم يجبه أحد، ثم دعا إليها في اليوم الثالث فلم يجبه أحد، فلما رأى الإحجام عنه قال: يا محمد