أحدهما: أن يملك مسلم بالسبي مشركًا فيعتقه ويستلحق به، ويجعله لنفسه ولدًا، فيصير محمول النسب عن أبيه إلى سابيه، ويكون الحميل بمعنى: المحمول، كما يقال: قتيل بمعنى مقتول، فهذا لا يلحق النسب، ولا يتغير به حكم المستلحق وهو إجماع، لقول النبي صلي الله عليه وسلم:"الولد للفراش وللعاهر الحجر" فنقلهم عما كانوا عليه في الجاهلية، من استلحاق الأنساب غلى ما استقر عليه الإسلام من إلحاقها بالفراش.
والثاني: أن يقر المسبي بعد عتقه بنسب وارد من بلاد المشركين، ويكون الحميل بمعنى الحامل فيقسم النسب ثلاثة أقسام: مردود، ومقبول، ومختلف فيه.
فأما القسم المردود: فهو أن يقر بنسب يستحق به الميراث، ولا يملك المقر استحداث مثله، كالمقر بأب، أو بأخ، أو عم، فيرد إقراره به، ولا يقبل إلا ببينة تشهد بنسبه وسواء كان يرث جميع المال كالأب أو بعضه كالأم، لرواية الشعبي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى شريح أن لا يورث حميلًا حتى تقوم به بينة من المسلمين". وروى الزهري قال: جمع عثمان بن عفان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم فاستشارهم في الحميل، فأجمعوا أنه لا يورث إلا ببينة، ولأن معتقه قد ملك ولاءه عن الرق الذي لا يملك العبد إزالة ما استحقه من الملك، فكذلك إذا أعتق لا يملك إزالة ما استحقه معتقه بولائه من الإرث.
فإن قيل: أليس لو أقر الحر بأخ، وله عم قبل إقراره، وإن حجب الأخ العم، فهلا كان إقراره بالنسب مع الولاء مقبولًا كذلك، قيل: الفرق بينهما أن النسب يرث به ويورث، فزالت التهمة والولاء لا يرث به ولا يورث، فلحقت التهمة.
وأما القسم المقبول: فهو أن يقر بنسب لا يستحق به الميراث، كالخال والجد من الأم فمقبول منه بغير بينة؛ لأنه لا يسقط به حق معتقه من الميراث.
وأما القسم المختلف فيه: فهو أن يقر بنسب يستحق به الميراث، ويملك استحداث مثله كإقراره بابن أو بنت، فقد اختلف أصحابنا في ثبوت نسبه بإقراره من غير بينة على ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه لا يقبل إقراره بنسبه إلا ببينة، تشهد به، كالنسب الذي لا يملك استحداث مثله لعموم ما اجتمعت عليه الصحابة من المنع من توريث الحميل، ولما جمعهما التعليل من إسقاط الميراث بالولاء.
والثاني: يقبل إقراره ببينة بخلاف ما لا يملك استحداث مثله، لأمرين:
أحدهما: أن من ملك استحداثه جاز أن يملك الإقرار به أولى.