للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على علمه وقال في كتاب ابن أبي ليلى: وإذا اشتراه حلف على البت".

قال في الحاوي: قد مضت هذه المسألة في مواضع، وذكرنا أن اليمين إذا توجهت على الإنسان في فعل نفسه، كانت على القطع والبت، سواء كانت على إثبات أو نفي. والإثبات أن يحلف والله إن هذا العبد لي إما بالشاهد واليمين، وإما بالرد بعد النكول.

وأما النفي فإن حلف والله إنه لا حق لك في هذا العبد فإن أحلفه الحاكم، على العلم في الإثبات، فقال: والله إني أعلم أن هذا العبد لي وأعلم أن هذا العبد ليس هو بملك لك. فقد أكدها، لأن إثبات العلم زيادة تأكيد، وإن أحلفه على العلم في النفي فقال: والله لا أعلم أن لك علي شيئًا ولا أعلم أن هذا العبد لك، لم تصح اليمين، لأنه على يقين وإحاطة فيما اختص بنفسه من إثبات، ونفي، فلم تصح يمينه في النفي، إلا بالقطع والبت، كما لا تصح يمينه في الإثبات، إلا بالقطع. فأما إذا حلف في توجه الدعوى على غيره، كالوارث إذا ادعى على ميته دعوى، فأنكرها، فيمينه يمين نفي على فعل الغير، فيحلف على العلم دون القطع، لأنه لا طريق له إلى اليقين والإحاطةً فيقول: والله لا أعلم أن لك علي شيئًا مما ادعيته، فإن أحلفه الحاكم على القطع والبت، فقال: والله ما لك علي شيء مما ادعيته، كان تجاوزا من الحاكم، وقد وقعت اليمين موقعها، لأنها أغلظ من اليمين المستحقة عليه، وهي تؤول به إلى العلم.

ولو ادعى شيئا لميته، وتوجهت اليمين عليه، حلف على القطع والبت، كما لو ادعاها في حق نفسه، لأنه لا يصح أن يدعيه إلا بعد إحاطة علمه به، فاستوى يمين الإثبات في فعله، وفعل غيره، واختلفت يمين النفي في فعله، وفعل غيره. وبالله التوفيق.

[باب الدعوى في الميراث]

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو هلك نصراني وله ابنان: مسلم ونصراني فشهد مسلمان للمسلم أن أباه مات مسلمًا وللنصراني مسلمان أن أباه مات نصرانيًا صلى عليه فمن أبطل البينة التي لا تكون إلا بأن يكذب بعضهم بعضًا جعل الميراث للنصراني ومن رأى الإقراع أقرع فمن خرجت قرعته كان الميراث له ومن رأى أن يقسم إذا تكافأت بينتاهما جعله بينهما، وإنما صلى عليه بالإشكال كما يصلى عليه لو اختلط بمسلمين موتى قال المزني: أشبه بالحق عندي أنه إن كان أصل دينه النصرانية فاللذان شهدا بالإسلام أولى لأنهما علما إيمانا حدث خفي على الآخرين وإن لم يدر ما أصل دينه والميراث في أيديهما فبينهما نصفان وقد قال الشافعي: لو رمى أحدهما طائرا ثم رماه

<<  <  ج: ص:  >  >>