للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني فلم يدر أبلغ به الأول أن يكون ممتنعًا أو غير ممتنع، جعلناه بينهما نصفين. قال المزني: وهذا وذاك عندي في القياس سواء".

قال في الحاوي: وتفصيل هذه المسألة في اختلاف الاثنين في دين الأب، أنها على ضربين:

أحدهما: أن يعرف دين الأب.

والثاني: أن لا يعرف، فإن عرف دين الأب أنه نصراني، فترك ابنين مسلمًا ونصرانيًا، وادعى المسلم أن أباه مات مسلمًا فهو أحق بميراثه، وشهد له بذلك شاهدان عدلان.

وادعى النصراني أن أباه مات نصرانيًا، وهو أحق بميراثه، وشهد له بذلك شاهدان عدلان، فقد اختلفت الشهادتان واختلافهما إذا أمكن فيه القضاء فلم يتعارضا، فإذا علم فيه التكاذب تعارضتا، ولا يخلو حال هاتين الشهادتين من أربعة أقسام:

أحدها: أن تكون مطلقتين.

والثاني: أن تكونا مقيدتين.

والثالث: أن تكون الشهادة بالإسلام مطلقةً، وبالنصرانية مقيدةً.

والرابع: أن تكون الشهادة بالإسلام مقيدة، وبالنصرانية مطلقةً.

فأما القسم الأول: وهو أن تكون الشهادتان مطلقتين، فهو أن يقول شهود المسلم: إن أباه مسلم، ويقول شهود النصراني إن أباه نصراني، فالتصادق في هذا الاختلاف ممكن، لأنه قد يكون نصرانيًا، فيسلم، ويكون مسلمًا، فيتنصر، فتكون كل واحدة من الشهادتين صادقة، فإذا كان كذلك فلا تعارض فيها وحكم بشهادة الإسلام، لأنها أزيد علمًا، لأن نصرانيته أصل، وإسلامه حادث، فصار كالشهادة بجرح والتعديل يحكم بالجرح على التعديل، ويجعل المسلم وارثا دون النصراني.

فصل:

وأما القسم الثاني: فهو أن تكون الشهادتان مقيدتين، فهو أن يقول شهود المسلم، إن أباه مات على دين الإسلام قائلا بالشهادتين عند خروج روحه.

ويقول شهود النصراني إن أباه مات على دين النصرانيةً، قائلًا بالتثليث عند خروج روحه. فهذا تعارض في شهادتهما، لتكاذبهما باستحالة أن يموت مسلمًا نصرانيًا وللشافعي في تعارض الشهادتين في الأموال ثلاثة أقاويل ذكرها في هذا الموضع:

أحدها: إسقاط البينتين بالتعارض، لتكاذبهما، فيكون الميراث للنصراني دون المسلم استصحابًا لأصل دينه في النصرانية بعد أن يحلف المسلم بالله أن أباه لم يسلم.

والثاني: الإقراع بين البينتين، والحكم بالقارعة منها لأن في القرعة تمييزًا لما اشتبه، وهل يحتاج من قرعت بينته إلى يمين في استحقاق الميراث؟ على قولين من اختلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>