للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل:

فلو أن رجلًا صرح بخطبة معتدة وتزوجها بعد انقضاء العدة كان النكاح جائزًا وإن لم يصرح بالخطبة.

وقال مالك: يفرق بينهما بطلق ثم يستأنف العقد عليها وهذا خطأ؛ لأن ما قدمناه قبل العقد من قول محظور كالقذف أو فعل محظور كإظهار سوأته أو تجرده عن ثيابه لا يمنع من صحة العقد وإن أثم به كذلك التصريح بالخطبة والله اعلم بالصواب.

[باب النهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: "أَخْبَرَنَا مَالِك بْنِ أَنَسٍ عَنْ نَافِع عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَخْطُبُ أَحَدَكُمُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ" وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: "إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي" قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ أَخْبَرْتُهُ أَنَّ مُعَاوِيَة وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي فَقَالَ: "أَمَّا مُعَاوِيَةَ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ انكِحِي أُسَامَةَ" فَدَلَّتْ خِطْبَتُهُ عَلَى خِطْبَتِهِمَا أَنَّهَا خِلَافُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إِذَا كانَتْ قَدْ أَذِنَتْ فِيهِ فَكَانَ هَذَا فَسَادًا عَلَيْهِ وَفِي الفَسَادِ مَا يُشْبِهُ الِإضْرَارَ وَاللهُ أَعْلَمُ. وَفَاطِمَةُ لَمْ تَكُنْ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَذِنَتْ فِي أحدهما".

قال في الحاوي: وهذا صحيح.

وقد روى ابن عمر أن النبي صَلَى الله عليه وسلم قال: "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه" وروى أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَى الله عليه وسلم: "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك" وهذان الحديثان صحيحان وليس النهي فيهما محمولًا على الظاهر من تغيير حال المخطوبة فإذا خطب الرجل نكاح امرأة لم يخل حالها من أربعة أقسام:

القسم الأول: إما أن يأذن له في نكاحها فتحرم بعد إذنها على غيره من الرجال أن يخطبها لنهيه صَلَى الله عليه وسلم عنه حفظًا للألفة ومنعًا من الفساد وحسمًا للتقاطع وسواء كان الأول كفؤًا أو غير كفء.

وقال ابن الماجشون: إن كان الأول غير كفء لم تحرم على غيره من الأكفاء خطبتها بناء على صله في أن نكاح غير الكفؤ باطل وأن تراضى به الأهلون وقد تقدم الدليل على صحة نكاحه فإن رجع الأول عن خطبته أو رجع المرأة عن إجابته ارتفع حكم الإذن وعادت إلى الحال الأولى في إباحة خطبتها لحديث أبي هريرة أن رسول الله صَلَى الله عليه وسلم قال: "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك".

<<  <  ج: ص:  >  >>