والقسم الثاني: أن ترد خاطبها وتمنع من نكاحه فيجوز لغيره من الرجال أن يخطبها لأن المقصود بالنهي عن الخطبة رفع الضرر والمنع من التقاطع فلو حمل النهي على ظاهره فيمن لم تأذن له حل الضرر عليها.
والقسم الثالث: أن تمسك عن خطبتها فلا يكون منها إذن ولا رضا ولا يكون منها رد ولا كراهية فيجوز خطبتها وإن تقدم الأول بها لحديث فاطمة بنت قيس المخزومية أن زوجها أبا عمرو بن حفص بت طلاقها. فقال النبي صَلَى الله عليه وسلم: إذا حللت فأذنيني فلما حلت جاءت إلى النبي صَلَى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله قد خطبني معاوية وأبو جهم فقال النبي صَلَى الله عليه وسلم: "أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه".
وروى عطاء عن عبد الرحمن بن عاصم عن فاطمة بنت قيس أن النبي صَلَى الله عليه وسلم قال لها:"أما أبو الجهم فأخاف عليك فسفاسته, وأما معاوية فرجل أخلق من المال" أما الفسفاسة: فهي العصا وأما الأخلق من المال فهو الخلو منه, انكحي أسامه بن زيد قالت: فكرهته ثم أطعت رسول الله صَلَى الله عليه وسلم فنكحته فرزقت منه خيرًا واغتبطت به فكان الدليل من الحديث من وجهين:
أحدهما: أن أحد الرجلين قد خطبها بعد صاحبه فلم يذكر النبي صَلَى الله عليه وسلم تحريمه.
والثاني: أن النبي صَلَى الله عليه وسلم قد خطبها لأسامة بعد خطبتها فدل على أن الإمساك عن الإجابة لا يقتضي الخطبة.
والقسم الرابع: أن يظهر منها الرضا بالخاطب ولا تأذن في العقد وذلك بأن تقرر صداقها أو بشرط ما تريد من الشروط لنفسها ففي تحريم خطبتها قولان:
أحدهما: وبه قال في القديم وهو مذهب مالك أنها تحرم خطبتها بالرضا استدلالًا بعموم النهي.
والثاني: وبه قال في الجديد انه لا تحرم خطبتها بالرضا حتى يصرح بالإذن لأن الأصل إباحة الخطبة ما لم تتحقق شروط الحظر فعلى هذا وإن اقترن برضاها أذن الولي فيه نظر فإن كانت ثيبًا لا تزوج إلا بصريح الإذن لم تحرم خطبتها وإن كانت بكرًا فيكون الرضا والسكوت منها إذنًا حرمت خطبتها برضاها وإذن وليها وهاهنا قسم خامس وهو أن يأذن وليها من غير أن يكون منها إذن أو رضي فإن كان هذا الولي ممن يزوج بغير إذن كالأب والجد مع البكر حرمت خطبتها بإذن الولي وإن كان ممن لا يزوج إلا بإذن لم تحرم خطبتها بإذن الولي حتى تكون هي الآذنة فيه.
فصل:
فإن ثبت تحريم خطبتها على ما وصفنا من أحكام هذه الأقسام فأقدم رجل على