فإن قيل: أفليس لو نكحها في العدة ثم أسلما بعدها أقر؟ فهلا إذا نكح المطلقة ثلاثًا قبل زوج أقر؟ قيل: لأن تحريم المعتدة قد زال بمضي الزمان فجاز أن يستأنف العقد عليها فجاز أن تقر على ما تقدم من نكاحها، وتحريم المطلقة ثلاثًا لم يزل، ولا يجوز أن يستأنف العقد عليها فلم يجز أن تقر على ما تقدم من نكاحها وتحريم المطلقة ثلاثًا، وكذلك الكلام فيما يؤخذ به حكم ظهارة وإيلائه، والله أعلم.
قال في الحاوي: وهذا كما قال، لا اعتراض على أهل الذمة في مناكحهم وإن كانوا في دار الإسلام وهي عقود إذا أسلموا لما في تتبع مناكحهم بعد الإسلام من التنفير عنه فلو نكح أحدهم في دار الإسلام خمسًا أو جمع بين أختين أو نكح مجوسي أمه وبنته ولم يعارضوا، وهم كأهل الحرب إذا أسلموا فما جاز إن لم يستأنفوه بعد الإسلام أقروا عليه وما لم يجز أن يستأنفوه بعد الإسلام لم يقروا عليه ولا فرق بينهم في شيء منه وإن كانوا لهم ذمة وأحكامنا عليه جارية إلا في شيئين:
أحدهما: القهر والغلبة فإن الحربي إذا قهر حربية على نفسها ورآه نكاحًا أقر عليه إذا أسلما ولا يقر ذمي على قهر ذمية إذا أسلما لأن دار الإسلام تمنع من القهر والغلبة ودار الحرب نبيحه فافترقا لافتراق حكم الدارين.
والثاني: أن يعتقدا نكاحًا لا يجوز في دينهم كيهودي نكح أمه أو بنته فلا يقروا عليه لأنهم ممنوعون منه في دين الإسلام ودينهم ولو فعله المجوسي أقر لأنهم غير ممنوعين منه في دينهم فأما مهورهم فلا اعتراض عليهم فيها حلالًا كانت أم حرامًا فإن تقابضوها وهي حرام برئ منها الأزواج وإن بقيت في ذمتهم حتى أسلموا ألزمهم بدلًا منها مهر المثل وإن تقابضوا بعضها قبل الإسلام وبقي بعضها بعده لزم من مهر المثل بقسط ما بقي منها.
قال في الحاوي: أما إذا نكح كتابي كتابية وتحاكما إلينا أقرا على النكاح وكذلك لو أسلما أو أسلم الزوج منهما كانا على النكاح لأن للمسلم أن يبتدئ نكاح كتابية فجاز أن يقيم على نكاح كتابية ولو أسلمت الزوجة دونه لم يقر على نكاحها وكان موقوفًا على تقضي العدة.