فكان إنفاذ الطعام إليهم من باب الخير والتعاون على البر والمعروف، وأراد الشافعي بقرابة أهل الميت الأبعدين منهم، وأما إصلاح أهل الميت طعاما وجمع الناس غليه كما يفعل في جبال طبرستان فلم ينقل فيه ش ئ وهو بدعة غير مستحب.
[باب البكاء على الميت]
مسألة: قال: وأرخصُ في البكاء بلا ندبٍ.
الفصل
وهكذا كما قال: جملته أنه يكره البكاء بالنوح والندب والتعديد، ونشر الشعور، وخمش الوجوه وتخريق الثياب، وهذه الكراهة هي [٣٥٤ ب/٣] كراهة تحريم. قال الشافعي لما في النوح من تجديد الحزن ومنع الصبر وعظيم الإثم، وهذا يدل على أن قوله: وأكره النياحة هي كراهية تحريم.
وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"أنها كم عن صوتين فاجرين صوت مزمار عند نغمة، وصوت عند حادث مصيبة"، وقالت أم عطية: أخذ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع البيعة أن لا ننوح، فما وفت منا امرأة إلا خمس منهن أم سليم وأم العلا، وابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ وقالت: أيضاً لما نزل قوله تعالى: {إذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} إلى قوله: {ولا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}[الممتحنة:١٢] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا بد لي من أن أسعدهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا آل فلان. وروى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"أربع في أمتي من أمر الجاهلية لن يدعهن الناس: النياحة والطعن في الأنساب، والعدوى أجرب بعير فأجرب مائة بعير من أجرب البعير الأول [٣٥٥ أ/٣] والأنواء مطرنا بنوء كذا". وروى أبو مالك الأشعري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران" وروي عن علي بن ربيعة الأسدي قال: مات رجل من الأنصار يقال له: قرظة بن كعب، فنيح عليه، فجاء المغيرة بن شعبة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: ما بال النوح في الإسلام أما إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"من نيح عليه عذب ما نيح عليه".
وروى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ليس منا من شق الجيوب وضرب الخدود ودعا بدعوى الجاهلية". وقال أيضاً: "ليس منا من حلق