للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوب الحكم علينا بينهم. [٧٨/ب] وأما المعاهد فهو أن يقيم في دار الإسلام بأمان مدةً لا تبلغ سنة لتجارةٍ أو رسالةٍ، فإذا أصاب ما يوجب حقًا فإن كان حدًا لله تعالى خالصًا كحد الزنا لا يقام لأنه دخل على أن يلزم أحكامنا فلا معنى للتعرض له، وإن كان حقاً للآدمي خالصًا كحد القذف يستوفى منه لأنه على هذا دخل وهو أن يكف عن أموالنا ونكف عن أمواله، وإن كان حقًا لله تعالى متعلقًا بحق الآدمي كالقطع في السرقة فالضمان يلزمه قولًا واحدًا لأنه من حقوق الآدميين وهل تقطع يده؟ قال هنا في "الأم" وسائر الكتب لا تقطع وهو الأصح، والأظهر لأنه حد الله تعالى كحد الزنا قال: ويقال: ننبذ إليك عهدك ونبلغك مأمنك لأن هذه الدار لا تصلح أن يقيم فيها من لا يجري عليه الحكم. وقال في سير الواقدي: تقطع يده لأنه حق لا يستوفى إلا بعد المطالبة كالدين والقصاص. وقال بعض أصحابنا بخراسان: نص الشافعي رضي الله عنه في موضعٍ أنه إن شرط الإمام عليه إنك إن سرقت قطعناك تقطع يده وإلا فلا تقطع والقولان على هذين الحالين، وقال أيضا: هل يقام عليه حد الزنا؟ فيه قولان وهو غريب، وقال صاحب " التقريب": القولان إذا قامت عليه البينة، فأما إذا جاؤوا والتمسوا حكمنا فهو كالذمي وحكم الذمي أنا نقطعه في السرقة إذا قلنا: [٧٩/أ] يجب على حاكمنا الحكم بينهم وإن قلنا: لا يجب لا يقيم عليه حد الله تعالى إلا إذا رضي بحكمنا فحينئذ نقطعه في السرقة، ثم إذا لم يقطع الحربي في مال المسلم لا نقطع يد المسلم في ماله وإذا قلنا: نقطع يد الحربي بالسرقة تقطع يد المسلم بسرقة ماله لأن شبهة القطع تثبت في الحالتين.

[باب الإقرار بالسرقة والشهادة عليها]

مسألة: قال: ولا يقام على سارقٍ حدٌ إلا أن يثبت على إقراره

الفصل

اعلم أنه إذا ادعى على رجل أنه سرق من حرزٍ نصابًا لم يخل المدعى عليه من أحد أمرين: إما أن يقر له بما ادعاه أو ينكر فإن أقر ثبت عليه القطع وبه قال مالك وأبو حنيفة وقد ذكرنا عن أبي يوسف وزفر أنهما قالا: لا يثبت القطع إلا بإقراره مرتين، وقال ابن أبي ليلى وابن شبرمة وإسحاق وأحمد، وروي عن علي رضي الله عنه: أن رجلاً أقر عنده بالسرقة مرة فانتهره فأعاد الإقرار فقال: الآن أقررت مرتين وأمر بقطع يده ولأنه حد الله تعالى فيعتبر إقراره به بالشهادة كما في الزنا عندهم.

ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى منكم من هذه القاذورات شيئًا فليستتر بستر الله تعالى فإن من أبدى لنا صفحته نقم عليه حد الله تعالى". ولم يعتبر العدد ولأنه حق ثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>