للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع آخر

لو كان الراكبان أذنا للرديف أن يركب معهما ضمنوا جميعًا البعير إن تلف ورب البعير بالخيار في الرجوع على أيهم شاء فإن رجع على الرديف رجع بما ذكرنا من الأوجه، وإن رجع على أحد الراكبين، فإن كان البعير مع [١٨٧/ أ] الجمال ففي قدر ما يضمنه ثلاثة أوجه كالرديف ويرجع بها الغارم على الرديف بعد غرمها، وإن كان البعير معهما دون الجمال ضمنا جميع قيمتها ولم يرجع الغارم منهما على الرديف بعد غرمها إلا بقدر ما كان يلزم الرديف منها على الأوجه الثلاثة.

باب تضمين الأُجراء

مسألة: قال: "الأجراءُ كلهم سواءٌ".

الفصل

وهذا كما قال: الأجير هو المستأجر للعمل على مال الغير كالصانع والصائغ والحائك والقصار والخياط والنجار والخباز والراعي والرائض والمؤدب يسلم إليه العبيد، فإذا استؤجر واحد منهم لشيء مما ذكرنا لم يخل من أحد أمرين إما أن تكون يد المكتري على ملكه أو لا تكون له عليه يد، فإن كانت يده على ملكه وهو أن يكون صاحبه معه فيعمله بحضرته أو حمل الصانع إلى بيته ليعمل فيه أو استأجره ليرعى ماشيته في ملكه ولا يخرجها منه فلا ضمان عليه قولًا واحدًا لأن الشيء في يد صاحبه نص عليه في "الإملاء" قال ابن سريج: وهذا في الحقيقة استعانة به فإن تعدى في شيء منها يلزمه الضمان بالتعدي والجناية، وإن لم تكن يد مالكه عليه وهو العادة فسلم إليه ملكه حتى تثبت يده عليه هل يلزمه ضمانه؟ قولان:

أحدهما: لا ضمان عليه وهو اختيار المزني وبه قال عطاء وطاوس وزفر وأحمد وإسحاق لأنه قبض الشيء لمنفعة نفسه ومنفعة مالكه فلا يضمن إلا بالتعدي كالعامل في القراض وكالمرتهن.

والثاني: يلزمه الضمان وقبضه قبض ضمان وبه قال مالك وابن أبي ليلى، وروي عن عمر وعليّ رضي الله عنهما قال الشافعي: كان عليّ رضي الله عنه يضمن الأجراء ويقول: لا يصلح الناس إلا هذا ووجهه أنه قبض الشيء لمنفعته من غير استحقاق فيضمنه بالقبض كالمستعير.

ومن أصحابنا من قال قولًا واحدًا لا ضمان عليه إلا بالتعدي لأن الربيع قال: كان اعتقاد الشافعي أنه لا ضمان عليهم ولكنه كان لا يبوح به مخافة أجراء [١٨٧/ ب] السوء وكذلك كان عنده أن الحاكم يحكم بعلمه ولكنه كان لا يبوح به مخافة قضاة السوء أو مخافة فساد القضاة والقول الآخر حكاية مذهب الغير وقد به تزييف قول من

<<  <  ج: ص:  >  >>