للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جائزان لأنه لم يشرك في البضع ولا جعل المعقود عليه معقودًا به ويبطل الصداقان لأن فساد الشرط راجع إليه فسقط فيه ما قابله وهو مجهول فصار باقية مجهوًلا والصداق المجهول يبطل ولا يبطل به النكاح بخلاف البيع الذي يبطل ببطلان الثمن فلو قال: قد زوجتك بنتي بصداق ألف على أن تزوجني بنتك بصداق ألف على أن بضع كل واحدة منهما بضع الأخرى صح النكاحان على الوجه الأول ولم يكن شغارًا لما تضمنه من تسمية الصداق وبطل النكاحان على الوجه الثاني وكان شغارًا لما فيه من التشريك في البضع ولو قال: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك صح النكاحان على الوجهين معًا وكان لكل واحدة منهما مهر مثلها لما ذكرنا من أن شرط يعود فساده إلى المهر المستحق ولو قال: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك على أن بضع بنتي صداق لبنتك بطل نكاح بنته لأنه جعل بضعها مشتركًا وصح نكاحه على بنت صاحبه لأنه لم يجعل بضعها مشتركًا ولو قال: على أن صداق بنتي بضع بنتك صح نكاح بنته وبطل نكاحه لبنت صاحبه لأن الاشتراك في بضعها لا في بضع بنته فتأمله تجده مستمر التعليل، وبالله التوفيق.

فصل:

وإذا قال الرجل لرجل: إن جئتني بكذا أو كذا إلى أجل يسميه فقد زوجتك بنتي فجاءه به في أجله لم يصح النكاح وأجازه مالك مع الكراهة إذا أشهد على نفسه بذلك استدلاًلا بقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} [الإسراء: ٣٤] وهذا خطأ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد" ولأنه نكاح مسلم علق بمجيء صفة فوجب أن لا يصح كقوله: قد زوجتكما إذا جاء المطر، ولأن عقود المعاوضات لا تتعلق بمجيء الصفات كالبيوع فأما قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] فليس هذا عقد فيلزم الوفاء به، والله أعلم.

[باب نكاح المتعة والمحلل]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَاٍب عَنْ عَبْدِ اللهِ وَالحَسَنِ ابْنَي محَمَّدِ بْنِ عَليِّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نّهّى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ نِكَححِ المُتْعَةِ وَأَكْلِ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، قَالَ: وَإِنْ كِانِ حَدِيثُ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ ثَابِتًا فَهُوَ مُبَيِّنٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَحَلَّ نِكَاحَ ثُمَّ قَالَ: "هِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْم اَلقِيَامَةِ" قَالَ: وَفِي القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ المُتْعَةِ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب:٤٩] فَلَمْ يُحَرِّمْهُنَّ اللهُ عَلَى الأَزْوَاجِ إِلاَّ بِالطَّلاقِ وقَالَ تَعَالَى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:٢٢٩] وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} [النساء:٢٠] فَجَعَلَ إِلَى الأَزْوَاجِ فُرْقَةَ مَنْ عَقَدُوا عَلَيْهِ النِّكَاحَ مَعَ أَحْكَامِ مَا بَيْنَ الأَزْوَاجِ فَكَانَ بَيِّنًا، وَاللهِ أَعَلَمُ، أَنَّ نِكَاحَ المُتْعَةِ مَنْسَوخٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>