للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب صلاة الإمام وصفة الأئمة]

مسألة: قال: وصلاة الأئمة قد قال أنس بن مالك.

الفصل

وهذا كما قال: قد ذكر فيما قيل: إن المستحب لمن كان إماماً أن يخفف الصلاة بعد أن يأتي بالذكر والأفعال على الكمال، ويكون التخفيف من ترك تطويل القراءة، وإذا صلى وحده يطول كيف يشاء. وقال بعض أصحابنا: يخفف أذكارها ويكمل أفعالها ومعناهما واحد، والدليل على هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف، فإن فيهم السقيم والضعيف وذا الحاجة، وإذا صلى لنفسه فليطل ما شاء".

وروي: أنه - صلى الله عليه وسلم -: "كان أخف الناس صلاة بالناس، وأطول صلاة على نفسه"، فإن كان الإمام يصلي بقوم محصورين يريدون التطويل كأهل محله، أو كانوا في سفر طول كيف شاء إذا رضوا بذلك ذكره أبو إسحاق وقال غيره يستحب ذلك.

مسألة: "قال ويؤمهم أقرؤهم وأفقههم".

وهذا كما قال: الصفات التي يتعلق بها التقديم للإمامة في الصلاة سنة أشياء: الفقه، والقراءة، والسن، والنسب والهجرة، فالنسب: هو أن يكون قريشياً فيكون أولى من [١ أ/٣] العربي، والعربي أولى من غيره، وبنو هاشم وبنو المطلب يقدمون على غيرهم من قريش، والهجرة: أن يكون من هاجر من مكة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو من أولاد المهاجرين ممن سبق إلى الهجرة أو سبق أبوه إليها كان أولى ولا فرق بين أن تكون الهجرة قبل الفتح أو بعده، فإن قيل: أليس قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا هجرة بعد الفتح"، قلنا أراد أن لا تجب الهجرة، وأما فضيلة الهجرة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم تسقط.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: هذه الهجرة تحتمل معنيين: أحدهما: هجرة النسب، والثاني: هجرة نفسه مثل أن يكون رجلان أسلما في دار الحرب وسبق أحدهما الآخر بالهجرة إلى دار الإسلام، فإن كان المراد ذلك هل يكون أقدم من السن؟ قولان: وهذا حسن ولكنه خلاف النص، وأما السن: فإن المراد من طال منه مسلماً. فأما من له سبعون سنة فأسلم الآن فإنه لا يكون كمن أسلم أمس وإن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>