قال الشافعي رحمه الله:"ينبغي للساعي أن يأمر بإحصاء أهل السهمان في عمله حتى يكون فراغاه من قبض الصدقات بعد تناهي أسمائهم وأنسابهم وحالاتهم وما يحتاجون إليه ويحصى ما صار في يديه من الصدقات فيعزل من سهم العاملين بقدر ما يستحقون بأعمالهم فإن جاوز سهم العاملين رأيت أن يعطيهم سهم العاملين ويزيدهم قدر أجور أعمالهم من سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفيء والغنيمة ولو أعطاهم ذلك من السهمان ما رأيت ذلك ضيقاً ألا ترى أن مال اليتيم يكون بالموضع فيستأجر عليه إذا خيف ضيعته من يحوطه وإن أتى ذلك على كثير منه. قال المزني: هذا أولى بقوله لما احتج به من مال اليتم".
قال في الحاوي: وهذا كما قال إذا توجه عامل الصدقات إلى عمله في جباية الصدقات وتفريقها، فينبغي له مع ابتداء تشاغله بجبايتها أن يستنيب من يتصرف له أحوال أهل السهمان حتى يعرف أهل كل صنف منهم فيثبت كل واحد باسمه ونسبه وحليته، وإنما أثبت الأنساب والحلي لئلا يأخذ الواحد من صدقة مرتين فيميز كل صنف منهم على ما وصفنا ليعلم أعداد الأصناف وعدد كل صنف منهما ويكون فراغه من تفرقه ذلك مع فراغه من جباية الصدقات حتى لا يتأخر عن أهلها وجودهم ولا يلزم لها مؤونة بالإمساك، ولا تكون معرضة للتلف بالاحتباس فإذا فعل ذلك لم يخل أن يكون بتلك الناحية جميع تلك الأصناف أو بعضهم، فإن كان بها جميع الأصناف قسم الصدقة على ثمانية أسهم متساوية، ولا يفضل بعض الأصناف على بعض، وإن تفاضلوا في الحاجة والكثرة؛ لأن الله تعالى أضافها إليهم بلام التمليك وجميع بينهم بواو التشريك فاقتضى أن يكونوا فيها سواء فإن وجد خمسة أصناف وعدم خمسة، قسم الصدقة على ثلاثة أسهم، فإذا فعل ذلك فأول سهم يبدأ بقسمه سهم العاملين عليها لأمرين:
أحدهما: أنه مستحق على عمل فصارت كالمعاوضة وغيره مواساة.
والثاني: أنه مقدر بأجورهم من زيادة ولا نقصان فهو قدر حقهم أو يكونوا أكثر من أجورهم فيعطوا منه قدر أجورهم، ويرد الباقي على سهام أهل السهمان بالسوية أو يكون أقل من أجورهم فيجب أن يتمم لهم أجورهم، ومن أين يكون تمامها، قال الشافعي: هاهنا أعطاهم من سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفيء والغنيمة فلو أعطاهم من السهمان ما رأيت ذلك ضيفاً فاختلف أصحابنا في ذلك على ثلاثة مذاهب: