للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه قال: لما نزلت آية الملاعنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة دخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء"، وقد ذكرنا هذا الخبر، قيل: "وروي أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم تأكل حرامهم، وينظر إلى عوراتهم فليست من الله في شيء"، وأراد بالحراب المواريث والنفقات، ورؤي في خبر المعراج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت نسوة معلقات بثديهن يعذبن، فسألت جبريل عليه الصلاة والسلام عنهن فقال: هنَّ اللاتي ألحقن بأزواجهن من ليس منهم"، ثم قال صلى الله عليه وسلم: "اشتد غضب الله على امرأة ألحقت بقوم من ليس منهم تنظر إلى عوراتهم، وتأكل حرامهم". وأما قوله في الخبر: وايما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه، لأن الرقة والرحمة عند النظر أكثر ما وعد للرجل والمرأة على حسب دينهما؛ والله أعلم [١٩٩/ ب].

[باب كيف اللعان]

مسألة: قال: "ولما حكي سهل شهود المتلاعنين مع حداثته، وحكاهُ ابن عمرَ استدللنا على أنْ اللعانَ لا يكونُ إِلا بمحضر. من طائفةِ مِنْ المؤمنين".

الفصل

قصد الشافعي بهذا أنه يغلظ اللعان بجمع الناس، وقد ذكرنا ذلك، واحتج الشافعي رحمة الله عليه بأن ابن عمر وسهلاً رضي الله عنهما رويا خبر اللعان مع حداثة بينهما ولا يحضران في أمر يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يحضره الصغار إلا وقد حضره الكبار وقد بينا هذا. وهذا دليل على أن الصغار المميزين إذا حضروا مثل هذا المحضر لم يمنعوا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمنعهما، والفائدة في حضورهم تعلمهم وتبليغهم، فإن كانت المرأة مخدرة لا تبرز في حوائجها بعث الحاكم مع خليفته إلى منزلها أربعة عدول لتلاعن بحضرتهم فإن لم يفعل، وبعث خليفته وحده جاز لما ذكرنا أن الجمع لا يجب، وأما حد السرقة قال صاحب الإفصاح: يحتمل فيه وجهين: أحدهما أنه يستحب في إقامته إحضار طائفة أيضًا للزجر والردع.

والثاني: لا يستحب لأن القطع يظهر فلا يحتاج إلى حضور طائفة للعلم به بخلاف اللعان وإقامة الحد فإنهما لا يظهران، فندب إلى حضور الطائفة فيهما.

ثم قال الشافعي: "وفي حكاية من حكي اللعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة بلا تفسير دليل على أن الله تعالى لما نصب اللعان حكاه في كتابه فإنما لاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المتلاعنين بما حكاه الله تعالى في القرآن".

وأراد به أنه لما أعرض الراوي عن كيفية اللعان عرفنا أنه صلى الله عليه وسلم [٢٠٠/ أ] لاعن بينهما كما ورد به القرآن مفسرًا وهو بأربع شهادات وكلمة اللعن، ولو زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في

<<  <  ج: ص:  >  >>