فأردت أن أربطه بسارية من سواري المسجد لتلعب به صبيان المدينة فتذكرت قول أخي سليمان عليه السلام:{}[ص: ٣٥]، فرددته خاسئاً"، فدل على أن قرب الشيطان لا يفسد الصلاة، وهذا المعنى لا يوجد في القرب من الغنم لأن فيها سكينة وبركة، وقيل: إنها من دواب الجنة، فلهذا لا تكوه الصلاة في القرب من الغنم ومراحها.
والفرق الثاني ذكره الشافعي: أن أعطان الإبل في العادة أوسخ مكان يكون في الأرض، فإن بطلت لها الدبغ من الأرض، فإنها لا تملح إلا بذلك فتكره الصلاة فيه، لأنه مكان وسخ. وأما مراح الغنم أنظف موضع وأطيب تربة، وتطلب لها ما استعلت أرضه واستدار من مهب الشمال موضعه، فلم تكره الصلاة فيه.
ومن أصحابنا من فرق بأن الصلاة بالقرب من الإبل تسقط الخشوع، لأنه لا يأمن على نفسه من نفورها والخوف على نفسه منها، ويكره له ما يسقط الخشوع، ولهذا لا يصلي عند مدافعة الأخبثين ونحو ذلك. [١٨٤ ب / ٢] وفي الغنم يأمن على نفسه لما فيه من البركة والسكينة، فلم يكره.
وقال بعض أصحابنا: هذا الذي ذكره الشافعي في العطن والمراح ترجيح لقول من يقول لجواز الصلاة، وعلى الثوب طين الطريق إذ الغالب من العطن والمراح أنهما لا يخلوان من النجاسةء وان قلت: غير أن البناء على أمل الطهارة، وليس الغالب نجاسة جميع العطن.
وقال أحمد: "لا يجوز الصلاة في أعطان الإبل، وإن كان المكان طاهراً، ويجوز في مراح الغنم، وإن كان فيه بول وبعر" بنا، على أصله، أنه طاهر، واعتمد على النهي والإباحة في الخبر، وإياه قصد الشافعي بتطويل هذا الفصل. وقيل: العطن هو الموضع الذي تناخ الإبل فيه الصيف إذا شربت في المرة الأولى ليملأ الحوض مرة أخرى ثم ترد إليه هذه الشربة الثانية تسمى العطل.
[باب الساعات التي تكره فيها صلاة التطوع]
قال: "أخبرنا مالك. . . ."، وذكر الخبر، وهذا كما قال: الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، خمسة:
وقتان: منهي عنها فيهما لأجل الفعل بعد فعل الصبح حتى يبتدئ طلوع الشمس، وبعد فعل العصر حتى تصفر الشمس، وقيل: حتى تبتدئ الشمس بالغروب ذكره القاضي الطبري. وقيل: حتى تغرب الشمس، ذكره أبو حامد، وما ذكرنا أصح وهو معنى هذا أن من لم يصل بعد صلاة الوقت في هذين الوقتين غير منهي عن الصلاة فيهما، فلو أخر الصبح عن وقته لا يكره قبله النافلة، وإذا صلى يكره حينئذ، وكذا لو