قال بعض أصحابنا: لو كان على القاتل سراويل أخذ منه، وقيل له: احتل فيما تستتر به. وذكر في "الحاوي": أنه يترك عليه ما يستر عورته، وهذا أقرب عندي.
فرع آخر
قال في "الإملاء": أكره صيد وج وقال أصحابنا: يكره ذلك كراهية تحريم لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن صيد وج حرام محرم" لا ينفر صيدها، ولا يعضد شجرها، ولا نص فيه أنه يلزم الجزاء بقتل صيده، وظاهر المذهب أنه لا يلزم أصلًا.
وقال بعض أصحابنا: يحتمل أن يكون تحريمه على سبيل الحمى كنوع من منافع المسلمين، ويحتمل أن يكون إلى وقت معلوم، ثم نسخ، لأنه روى أنه قال ذلك قبل نزوله الطائف، وذلك أن عسكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نزلوا بالطائف وحصلوا أملها ارتفقوا بما نالته أيديهم من شجر وصيٍد. قال الإمام أبو سليمان: ولا وجه إلا هذا.
فرع آخر
البقيع موضع حماة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجوز الاصطياد فيه، ولا يجوز للأغنياء أن يحتشوا من حشيشه، فمن احتّش، فعليه غرمه، ذكره أصحابنا [٢٢٠/ ب].
فرع آخر
مكة أفضل عند الشافعي من جميع البقاع. وقال مالك: المدينة أفضل. وبه قال أهل المدينة، وهذا غلط، لأن مكة حرم الله تعالى، والمدينة حوم الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهي أفضل، ولأن الصلاة فيها أفضل من غيرها.
[باب جزاء الطائر]
مسألة: قال: والطائر صنفان: حمام وغير حمام.
الفصل
الطائر ضربان: مأكول وغير مأكول. فأمّا غير المأكول فلا جزاء فيه سواء كان مما يصطاد، كالبازي والصقر ونحوهما، أو لا يصطاد كالحدأة والغراب، وعند أبي حنيفة: يلزم الجزاء في غير المأكول.
وأمّا المأكول، ففيه الجزاء إذا كان وحشيًا، أو يتولد من وحشي وأهلي، وهو على ثلاثة أضرب حمام، ودونه وفوقه، فأمّا الحمام، فالواجب فيه شاة سواء كان حمام مكة أو حمام غير مكة إذا قتله محرم.
قال الشافعي: والقياس أن تجب فيه القيمة، ولكن أوجبت فيه شاة إتباعًا لأقاويل الصحابة. وروي ذلك عن عمر وعثمان وابن عباس وابن عمر ونافع بن عبد الحارث