للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أصحابنا: يحتمل من هذا أنه إن كان موسرًا ليس له أن يرتفق بماله، وإن كان معسرًا حل له الأكل بقدر نفقته ولا ضمان إن كان أبًا أو جدًا؛ لأن نفقته على ولده، وإن كان غيرهما حل له الأكل ويأخذ أقل الأمرين من أجرته أو كفايته، وهل يضمن؟ قولان:

أحدهما: يضمن، وبه قال عمر بن الخطاب، وابن عباس رضي الله عنهم.

والثاني: لا يضمن، وبه قال النخعي، ومكحول، وقتادة رحمهم الله.

وقال عطاء في قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَاكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [الّنِسَاء: ٦] أراد يأخذ أجرة معلومة على قدر خدمته.

وقال الشعبي وأبو العالية رحمهما الله: يأكل من كل ثمره، ويشرب من لبن ماشيته ولا يعترض لغيره.

فرع

خلط مال اليتيم [ق ٧٤ أ] بمال نفسه هل يجوز أم لا؟ قال ابن سريج رحمه الله، لما نزل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَاكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: ١٠] الآية، تجنب الناس عن معاملة الأيتام والاختلاف بهم، وميزوا أموالهم عن أموالهم، واستنصروا بذلك فنزل قوله تعالى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: ٢٢٠]، أي لضيق عليكم وسهل عليهم ذلك. خلطوا قصر إلى الإرفاق بهم.

وقال ابن سريج: للوصي أن يخلط طعامه بطعامه إذا كان لليتيم فيه رفق، مثًلا أن يكون إذا خبز لليتيم مكوكًا أكله طول الأسبوع، وإذا خبز نصف مكوك له ونصف مكوك لنفسه مختلطًا وأكلاه في الأسبوع خبزًا لينًا فكان ذلك أرفق، وكذلك إذا غسل ثيابه مع ثياب نفسه يكون أرفق به. وأجرة الحجام على ذلك أيضًا، وعلى هذا إذا سافر قوم فخلطوا أزوادهم ليأكلوها في مكان واحد جاز، وإن كان أكلهم مختلف إذا دخلوا على التراضي بذلك وقصد الإرفاق.

[باب مداينة العبد بغير إذن سيده]

مسألة:

قال: "وإذا أَدَّانَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا كَانَ عَبْدًا"

الفصل:

وهذا كما قال قوله: أدّان بتشديد الدال بمعنى استدان، وهو أن [ق ٧٤ ب] يأخذ الدين أو يشتري سلعة بدين، وأدان بمعنى أقرض غيره وهو صاحب الدين، ودان بدين

<<  <  ج: ص:  >  >>