للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابنا في ذلك. فقال بعضهم: هذا سهو المزني في نقله لأنه كرر المسألة وأعادها بعبارةً أخرى؛ لأن زوجةُ الرجل وبنت امرأته من غيرها هي المرأةً وزوجةً ابنها وقال آخرون: بل قال المزني صحيح وهذه المسألةُ غير الأولى لأن الأولى أن يجمع بين بنت زيد وامرأة زيد، وهذه المسألةً أن يجمع بين امرأةً زيد وبنت امرأةً له أخرى من غيره وهذا لدينا يجوز لعدم التناسب بينهما.

فصل:

لا بأس أن يتزوج الرجل المرأةً ويتزوج ابنه بابنتها، أو يتزوج الأب امرأةَ ويتزوج الابن بأمها وهو قول الجماعةَ ومنه طاوس إذا تزوج الأب بامرأةَ أن يتزوج الابن بابنتها إذا ولدت بعد وطء الأب لأمها فإن كانت قد ولدت قبل وطئه لم يمنع وحكي نحوه عن مجاهد وهذا خطأ؛ لأن تحريم الربيبةً على الأب يساوي حكمه في ولادتها قبل وطئه وبعده فاقتضى أن يتساوى حكم إباحتها للابن في ولادتها قبل وطء الأب وبعده وقد حرص عمر رضي الله عنه في الغلام الذي زنا ببنت امرأةَ أبيه فجلده، وأن يجمع بينهما، فأبى الغلام فدل على جوازه من غير أن يعتبر فيه حال الولادةً، والله أعلم.

[باب ما جاء في الزنا لا يحرم الحلال]

مسالة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: "لِأَنَّ الْحَرَامَ ضِدُّ الْحَلَالِ فَلَا يُقَاسُ شَيْءٌ عَلَى ضِدِّهِ، قَالَ لِي قَائِلٌ يَقُولُ: لَوْ قَبَّلَتِ امْرَأَتُهُ ابْنَهُ بِشَهْوَةٍ حَرُمَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَبَدًا، لِمَ قُلْتَ: لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ؟ قُلْتُ: مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا حَرَّمَ أُمَّهَاتِ نِسَائِكُمْ وَنَحْوَهَا بِالنِّكَاحِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَاسَ الْحَرَامُ بِالْحَلَالِ، فَقَالَ: أَجِدُ جِمَاعًا وَجِمَاعًا، قُلْتُ: جِمَاعًا حُمِدْتَ بِهِ، وَجِمَاعًا رُجِمْتَ بِهِ، وَأحدهما نِعْمَةٌ، وَجَعَلَهُ اللَّهُ نَسَبًا وَصِهْرًا، وَأَوْجَبَ حُقُوقًا وَجَعَلَكَ مَحْرَمًا بِهِ لِأُمِّ امْرَأَتِكَ وَلِابْنَتِهَا تُسَافِرُ بِهِمَا، وَجُعِلَ الزِّنَا نِقْمَةً فِي الدُّنْيَا بِالْحَدِّ وَفِي الْآخِرَةِ بِالنَّارِ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ، أَفَتَقِيسُ الْحَرَامَ الَّذِي هُوَ نِقْمَةٌ عَلَى الْحَلَالِ الَّذِي هُوَ نِعْمَةٌ؟ وَقُلْتُ لَهُ: فَلَوْ قَالَ لَكَ قَائِلٌ: وَجَدْتُ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا تَحِلُّ بِجِمَاعِ زَوْجٍ فَأَحَلَّهَا بِالزِّنَا؛ لِأَنَّهُ جِمَاعٌ كَجِمَاعٍ، كَمَا حَرَّمْتَ بِهِ الْحَلَالَ؛ لِأَنَّهُ جِمَاعٌ وَجِمَاعٌ، قَالَ: إِذًا نُخْطِئُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَلَّهَا بِإِصَابَةِ زَوْجٍ، قِيلَ: وَكَذَلِكَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ بِنِكَاحِ زَوْجٍ وَإِصَابَةِ زَوْجٍ، قَالَ: أَفَيَكُونُ شَيْءٌ يُحَرِّمُهُ الْحَلَالُ، وَلَا يُحَرِّمُهُ الْحَرَامُ فَأَقُولُ بِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، يَنْكِحُ أَرْبَعًا، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ مِنَ النِّسَاءِ خَامِسَةً، أَفَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إِذَا زَنَى بِأَرْبَعٍ شَيْءٌ مِنَ النِّسَاءِ؟ قَالَ: لَا يَمْنَعُهُ الْحَرَامُ مِمَّا يَمْنَعُهُ الْحَلَالُ. قَالَ: وَقَدْ تَرْتَدُّ فَتَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَعَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>