مسألة: قال: "ويقبل كل كتاب لقاضٍ عدل ولا يقبله إلا بعدلين".
الأصل في جواز العمل على كتب القضاة، الكتاب، والسنة، والإجماع. أما الكتاب: فقصة سليمان عليه السلام لبلقيس في قوله تعالى: {إنِّي أُلْقِيَ إلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩)} [النمل:٢٩] الآية، فأنذرها بكتابه ودعاها إلى دينه، وجعله بمنزلة كلامه، واقتصر منه على أن قال: {أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ واتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١)} [النمل:٣١]، فأوجز واقتصر، وهكذا تكون كتب الأنبياء عليهم السلام، ومعناه: لا تعصوني، وقيل: لا تخالفوني {واتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١)} لديني، وقيل: مستسلمين لطاعتي، وهو أول من افتتح ب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠)}، ولما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح كتبه بها.
وأما السنة: فما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى ملوك الأمم يدعوهم إلى الإسلام، كتب إلى اثني عشر ملكًا منهم كسرى ملك الفرس، وقيصر ملك الروم، فأما كسرى فكتب إليه: من محمد بن عبد الله إلى كسرى بن هرمز أن أسلم تسلم والسلام. فلما وصل إليه كتابه مزقه، فقال صلى الله عليه وسلم:"يُمزق ملكه". وكتب إلى قيصر: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد الله إلى قيصر عظيم الروم، {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وبَيْنَكُمْ}[آل عمران:٦٤]، فلما وصل إليه كتابه قبله ووضعه على رأسه، فقال عليه الصلاة والسلام:"ثبت ملكه" فكان كما قال صلى الله عليه وسلم في كسرى وقيصر. وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزام كتابًا ذكر فيه الأحكام والزكوات والديات، فصارت في الدين شرعًا ثابتًا، وعملًا مستفيضًا.
وجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشًا وأمر عليهم عبد الله بن جحش، ودفع إليه كتابًا وقال:" لا تفضه حتى تبلغ موضع كذا، فإذا بلغته ففضه واعمل بما فيه" ففضه في الموقع الذي أمره وعمل بما فيه وأطاعه الجيش عليه. وروي عن الضحاك بن سفيان قال: ولأني رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعض الأعراب، ثم كتب إلي يأمرني أن أورث امرأة أشيم الضبابي