ثم الوصي فيما سوى هذه الثلاثة، كالأب سواء، فلو جعل الأب إلى الوصي ما كان مختصًا به من هذه الثلاثة، ليكون مساويًا له فيها، نظر فإن جعل له أن يشتري من مال الصبي لنفسه، أو يبيع عليه من مال نفسه، لم يجز؛ لأنه إذن بعقد في مال لا يملكه وإن أذن له أن يوصي، فهو على ما مضي من التفصيل.
وإن أذن له في التزويج، فقد أجازه مالك وجعل الوصي أحق من الأولياء، كما كان أحق بالولاية على المال.
ومنع منه الشافعي وأبو حنيفة، وجمهور النفقهاء، لأنها وصية في حق غيره من الأولياء، وستأتي هذه المسألة في كتاب النكاح مستقصاة إن شاء الله تعالى وبالله التوفيق.
[باب ما يجوز للوصي أن يصنعه في أموال اليتامي]
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: «ويخرج الوصي مال اليتيم كل ما لزمه من زكاة ماله وجنايته وما لا عناء به عنه من نفقته وكسوته بالمعروف».
قال في الحاوي: اعلم أن ولي اليتيم مندوب إلى القيام بمصالحة، قال تعالى: {ولا تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: ١٥٢].
والذي يلزمه في حق اليتيم، أربعة أشياء:
أحدها: حفظ أصول أمواله.
والثاني: تميز فروعها.
والثالث: الإنفاق عليه منها بالمعروف.
والرابع: إخراج ما تعلق بماله من الحقوق.
فأما حفظ الأصول: فيكون من وجهين:
أحدهما: حفظ الرقاب عن أن تمتد إليها يد، فإن فرط، كان لما تلف منها ضامنًا.
والثاني: استيفاء العمارة لئلا يسرع إليها خراب، فإن أهمل عمارتها حتى عطل ضياعه، وتهدم عقاره، نظر: فإن كان لإعوان ما ينفق عليها، فلا ضمان عليه، وإن كان مع وجود النفقة، فقد أثم وفي الضمان وجهان:
أحدهما: يضمن ويصير بهذا العدوان كالغاصب.
والثاني: لا ضمان عليه، لأن خرابها، لم يكن من فعله، فيضمن به، ولا يده غاصبة فيجب بها عليه ضمان.
فصل: وأما تميز فروعه، فلأن النماء مال مقصود، فلم يجز أن يفوته على اليتيم كالأصول، وهو نوعان: