إسحاق: وأرى الشافعي قد نص في بعض الروايات على ما اختاره المزني على مذهبه من جواز الخنثي، ففيه قولان، وقال القاضي أبو حامد فيه وجه آخر على ما اختاره المزني، فجعل القول رواية الربيع، وجعل [١٥٠/ ب] اختيار المزني وهو الأصح وجهًا آخر.
[باب موت سيد المكاتب]
مسألة: قال: «ولو أنكح ابنته مكاتبه برضاها فمات».
الفضل
إذا كاتب عبدًا، وكانت له ابنة فزوجها منه برضاها ولا بد من رضاها لأنه رقيق ليس بكفء لها، ولهذا قيد المسألة ثم مات لم تنفسخ الكتابة بموته لأنها عقد لازم، ثم ينظر في البنت فإن لم ترث أباها بأن كان بينهما اختلاف دين، أو كانت قاتلة، فالنكاح بحالة لأنها لم تملك من زوجها شيئًا، وإنما انتقل ملكه إلى مالكٍ آخر فلم يؤثر ذلك في النكاح، وإن ورثته، فإنه تملك جزءًا منه، وينفسخ النكاح بينهما، وبه قال أحمد وقال أبو حنيفة: لا ينفسخ النكاح بينهما، وبناه على أصله أن رقبة المكاتب لا تورث، وإنما يورث المال الذي عليه، وهذا لا يصح لأنه كان ملكًا للسيد وبموته لم يعتق فبقي ملكًا كما كان فورثه ورثته كسائر الأموال، والدليل على هذا أنه لا يبتدئ نكاحها بعد موت السيد بالإجماع.
فرع
إذا اشتري المكاتب زوجته الأمة من سيده أو من غيره انفسخ النكاح، وكذلك لو اشترت المكاتبة زوجها من سيده، وقال أبو حنيفة: لا ينفسح النكاح لأن المكاتب لا يملك بدليل أنه لا يجوز له وطئ أمته، وهذا لا يصح لأن المكاتب يملك لأنه يثبت له الشفعة على سيده وللسيد عليه الشفعة وإنما لا يجوز له وطيء أمته لتعلق السيد به كما يمنع الراهن من وطئ المرهونة، وإن كانت ملكه، والدليل على أنه يملكها أنه لا يجوز له أن [١٥١/ أ] يتزوج أمته ابتداء، والملك إذا منع الابتداء منع الاستدامة.
مسألة: قال: «فإن دفع ما عليه من الكتابة إلى أحد الوصيين لم يعتق».
اعلم أنه إذا كاتب عبدًا ثم مات السيد قد ذكرنا أن الكتابة لا تنفسخ، ثم لا يخلو إما أن يكون المال الذي على المكاتب يصرف إلى وارث، أو موصى له، أو إلى الغرماء، فإن كان ينصرف إلى الورثة، فإن كانوا رشيدين فالمال لهم، ثم ينظر، فإن كان الوارث واحدًا دفع المكاتب إليه، وإن كانوا جماعة دفع إلى كل واحد منهم قدر حقه، فإن دفع إلى بعضهم، وأخل بالبعض لم يعتق كما لو كان العبد بين شريكين وكاتباه، ثم دفع المال إلى أحدهما لا يعتق، ولا يجوز في هذا الموضع أن يوصي