بسم الله الرحمن الرحيم
[كتاب الطلاق]
[باب إباحة الطلاق ووجهه وتفريعه من الجامع من كتاب أحكام القرآن ومن إباحة الطلاق ومن جماع عشرة النساء وغير ذلك]
مسألة: قال الشافعي رحمه الله: "قال الله تعالى: {إذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} وقد قرئت لقبل عدتهن (قال) والمعنى واحد".
قال في الحاوي: الأصل في إباحة الطلاق الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
أما الكتاب فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] وهذا وإن كان خطابًا للنبي صلى الله عليه وسلم فهو عام الحكم فيه وفي جميع أمته.
فهو من الخاص الذي أريد به العموم.
فروى قتادة عن أنس قال طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة فأتت أهلها فأنزل الله تعالى: {أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} فقيل له: "راجعها فإنها صوامة قوامة وهي من أزواجك في الجنة".
وقوله تعالى: {لِعِدَّتِهِنّ} أي في طهرهن إذا لم يجامعن فيه.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فطلقوهن لقبل عدتهن.
قال الشافعي والمعنى واحد وقال تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] وفي قوله: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} تأويلان:
أحدهما: إنه بيان لعدد الطلاق وتقديره بالثلاث وأنه يملك الرجعة في الاثنتين ولا يملكها في الثالثة, وهو قول عروة وقتادة.
روى هشام بن عروة عن أبيه, كان الرجل يطلق ما شاء, ثم إن راجع امرأته قبل أن تنقضي عدتها كانت زوجته, فغضب رجل من الأنصال على امرأته فقال لها: لا أقربك ولا تخلصين مني, قالت له: كيف؟ قال أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك, قم أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك, قال: فشكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: