للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنه فقال: يده يد رجل من المسلمين وجعل الدية على عصبته.

ودليلنا ما روي أن عامر بن الأكواع أعوج سيفه في قتال المشركين فقتل نفسه فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أبطل جهاده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أبطل جهاده، ولم ينقل أنه قضى بالدية في ماله ولا عاقلته، وهذا وإن كان في العمد ففيه دليل على الخطأ.

ويدل عليه ما روي أن عوف بن مالك الأشجعي ضرب مشركًا بالسيف فرجع السيف إليه فقتله فامتنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه وقالوا: قد أبطل جهاده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مات مجاهدًا شهيدًا"، فدل الظاهر على أن هذا جميع حكمه، ولو وجبت الدية لأبانها، لأنه لا يؤخر بيان الأحكام عن أوقاتها، ولأن جناية العمد أغلظ من جناية الخطأ، فلما أهدر عمده كان خطأه أهدر، ولأنه يواسي بدية الخطأ تخفيفًا عنه، وهو لا يلزمه بقتل نفسه ما تتحمله العاقلة تخفيفًا عنه، فصار هدرًا وجرى مجرى استهلاكه مال نفسه لا يرجع ببدله على غيره، فأما قضاء عمر فهو قول واحد من الصحابة والقياس بخلافه فكان أولى منه والله أعلم.

[باب عقل الموالي]

مسألة:

قال الشافعي رحمه الله تعالى: "ولا يعقل الموالي المعتقون عن رجلٍ من الموالي المعتقين وله قرابةٌ تحمل العقل فإن عجزت عن بعضٍ حمل الموالي المعتقون الباقي وإن عجزوا عن بعض ولهم عواقلٌ عقلته عواقلهم فإن عجزوا ولا عوقل لهم عقل ما بقي جماعة المسلمين".

قال في الحاوي" العقل يتحمل بالولاء كما يتحمل بالنسب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الولاء لحمة كلحمة النسب".

ولأنه لما استحق الميراث بالولاء كاستحقاقه بالنسب وجب أن يتحمل به العقل كما يتحمل بالنسب، وإذا كان كذلك فالمناسبون من العصبات مقدمون في العقل على الموالي كما يتقدمون عليهم في الميراث، ويقدم أيضًا العصبات على الموالي في العقل والميراث كما يقدم أقرب العصبات على أبعدهم، فإذا وجد في أقرب العصبات من يتحمل العقل وقف تحملها عليهم، وخرج من التحمل البعداء من العصبات وشاركوا فيها الأقارب وخرج منها والموالي، وإن عجز الأقربون عنها تحملها البعداء والموالي من العصبات وشاركوا فيها الأقارب وخرج منها الموالي إذا تحملها جميع العصبات، وإن عجز جميعهم عنها شركهم فيها الموالي وكانوا أسوة العصبات في تحملها، فإن عجز عنها العصبات والموالي شركهم فيها عصبات الموالي ثم موالي الموالي، فإن عجزوا أو عدموا

<<  <  ج: ص:  >  >>