فكاتب هل تصح الكتابة؟ فيه قولان: أحدهما: تصح الكتابة، وبه قال أبو حنيفة، ويزول بها الاعتراض، وهو اختيار المزني لأن القصد بالبيع عليه إزالة سلطانه عنه وبالكتابة زالت السلطنة ويستفيد العتق بأداء النجوم، والثاني: لا يصح ولا يزول بها الاعتراض لأنه وإن كان ممنوعًا من استخدامه والتصرف فيه فإنه مسلط عليه في منعه من السفر وهبة ما في يديه .. والتصرف فيه على الإطلاق وفي ذلك عليه ذل وصغار، ولأنه أمر بإخراجه عن ملكه تامًا وليست الكتابة بإخراج تام، ويفارق هذا إذا كاتب الكافر عنده الكافر ثم أسلم لا يباع عليه على المذهب الصحيح المنصوص لأن هناك لم يستحق إزالة ملكه عنه في الأول على ما ذكرنا. قال المزني: تصح الكتابة لأنه ممنوع من النصراني بكتابته وعسى أن يؤدي، فيعتق يريد به أن للعبد حظًا في ذلك لأنه يؤدي إلى حريته فكان أولى من مطالبته بالبيع وسومح بما عليه من الذل لما يؤدي إليه العتق به.
قال:«وفي تثبيته الكتابة إذا أسلم العبد ومولاه نصراني [١٢٥/ ب] على ما قلت دليل، وبالله التوفيق». يعني المسألة التي ذكرها في الباب قبله، والجواب أنا لا نسلم ذلك على ما ذكر القفال، وإن سلمنا فالفرق ظاهر على ما ذكرنا، فإذا قلنا: الكتابة صحيحة يقر عليها ثم ينظر فإن أدى مال الكتابة عتق، وإن عجز نفسه استرقه السيد، وأزيل ملكه عنه، وإذا قلنا: الكتابة فاسدة يباع عليه، فإن بادر العبد قبل أن يبيع عليه فأدى المال عتق عليه لوجود الصفة ويثبت التراجع بينه وبين سيده لأنه عتق بكتابة فاسدة، فيثبت بينهما التراجع.
مسألة: قال في «الأم»: ولو أن نصرانيصا كاتب أمة له كتابة صحيحة ثم أسلمت واختارت المضي على الكتابة فوطئها السيد فلها مهر مثلها، فإن حملت فالولد حر مسلم لا سبيل عليه لأنه في ملكه، فإن مات النصراني وهي على الكتابة عتقت بموته، وبطل عنها ما بقي من الكتابة عليها ولها ما لها ليس لورثة النصراني منه شيء لأن النصراني كان ممنوعًا من مالها بالكتابة، ثم صارت حرة بموته، فصارت الورثة ممنوعين منه بحريتها، فإن ولدت وعجزت أخذت بنفقتها وحيل بينه وبين إصابتها، فإذا مات فهي حرة ويعمل ما يطيق وله ما اكتسب وأرش ما جنى عليها، فإنها لم تلد ولم يمت النصراني حتى اختارت العجز، قال الشافعي رضي الله عنه: أجبر على بيعها ما لم تلد، قال القاضي أبو حامد: قد قيل: هذا على القول الذي لا يتحقق الحمل ولا يجوز بيعها إذا كانت حاملًا بولدٍ حر مسلمٍ حتى تضع [١٢٦/ أ].
[باب كتابة الحربي]
مسألة: قال: «وإذا كاتب الحربي عبده في دار الحرب ثم جاء مستأمنين».