جميع بدنه بما] قل عن صاع, ولا المتوضئ أن يسبغ أعضاء وضوءه بأقل من مد. ويحكى هذا عن أبي حنيفة. وهذا غلط لما روى عن عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بثلثي مد وقالت أم عمار: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء فيه ثلثا مد فتوضأ به. وروى أنه كان يتوضأ بما لا يبل الثري من تحته، وهذا إشارة إلى رفقه واستغلاله. وروى أبو أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بنصف مد. وروى عن عبد الرحمن بن أبي لبيئة سمع سعيد بن المسيب, ورجل من أهل العراق يسأله عما يكفي الإنسان من غسل الجنابة, فقال سعيد: إن لي نورًا يسع مدين
من ماء أو نحو ذلك, فأغتسل به فيكفيني مني فضل, فقال الرجل: إني لأستنثر أتمضمض بمدين من الماء, فقال له سعيد: فما تأمرني إن [١٣٧ أ/ ١] كان الشيطان يلعب بك؟ فقال الرجل: فكم يكفيني؟ فإني رجل كما ترى عظيم, فقال له سعيد: ثلاثة أمداد. فقال: إن ثلاثة أمداد قليل, فقال له سعيد: فصاع, فقل سعيد: إن لي لركوة وقدحًا ما يسع إلا نصف مد أو نحوه, ثم أبول فأتوضأ منه وأفضل فضلاً, فقال عبد الرحمن: فذكرت هذا الحديث الذي سمعته من سعيد بن المسيب لسليمان بن يسار فقال لي سليمان: وأنا مثل ذلك, فذكرت ذلك لأبي عبيدة بن عمار وياسر فقالوا: هكذا سمعنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعض أصحابنا: صاع الجنابة ثمانية أرطال وثلث, والمد رطل وثلث.
[باب التيمم]
قال: قال الله تعالى: {وإن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء:٤٣] الآية.
وهذا كما قال, وجملة ذلك أن التيمم في اللغة: هو القصد فقال: تيممت ثلاثًا: أي قصدته, وكان ابن مسعود- رضي الله عنه- يقرأ فأتوا صعيدًا طيبًا.
وقال الشافعي: في "الأم": ولا ينفع اسم الصعيد إلا على تراب ذي غبار.
وقال بعض المفسرين: يقع على التراب وعلى وجه الأرض, وعلى الطريق, والأول أشبه؛ لأن أهل التفسير قالوا في قوله تعالى: {فتصبح صعيدًا [١٣٧ ب/ ١] زلقًا} [الكهف: ٤٠] أي ترابًا أملس وقوله: {طيبًا} أي طاهرًا, وقال سفيان: أراد حلالاً, والأول أشبه, والأصل في التيمم ما روى عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فافتقدت عقدًا لي من جزع ظفار, فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحتبس على ليلته لأطلب عقدي, فاحتبس فأصبح الناس على غير ماء وليس معهم ماء, فأتوا أبا بكر يشكونني فدخل علي ابو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم ورأسه في حجر فقال: يا لكاع حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم