ذمة تلزمهم جزية رؤوسهم، ولا يلزمهم خارج أرضهم، فيكون صلحهم على عشور ما زرعوا الجزية عن الرؤوس، فقد قال الشافعي: لا يجوز؛ لأنه مجهول.
فاختلف أصحابنا في وجه فساده على ثلاثة أوجه:
أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي إنه لم يجز، لأنه لم يعلم هل يفي أقله بقدر الجزية أو لا يفي، فإن علم أنه يفي بقدر الجزية جاز.
والثاني: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة إنه لا يجوز إذا كان لهم مكسب غير الزرع؛ لجواز أن لا يزرعوا، فإن لم يكن لهم كسب غير الزرع جاز؛ لأنهم لا يدعونه إلا من ضرورة.
والثالث: وهو الأصح أنه لا يجوز إذا لم يضمنوا تمام الجزية عند فصوره أو فواته. ويجوز أن ضمنوا تمام ما قصر أو فات؛ لأن قدر الجزية إذا تحقق حصوله لم تؤثر الجهالة فيما عداه من الطوع، والله أعلم.
[باب تبديل أهل الذمة دينهم]
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى:"أضل ما أبنى عليه أن الجزية لا تقبل من أحد دن دين كتابي إلا أن يكون آباؤه دانوا به قبل نزول الفرقان".
قال في الحاوي: قد مضت هذه المسألة في مواضع شتى، وذكرنا أن من خالف دين الإسلام من الكافر ينقسمون ثلاثة أقسام:
قسم هم أهل كتاب كاليهود والنصارى، فتقبل جزيتهم، وتحل مناكحتهم وذبائحهم.
وقسم لا كتاب لهم ولا شبهة كتاب كعبدة الأوثان فلا تقبل جزيتهم ولا تحل مناكحتهم، ولا تؤكل ذبائحهم تغليبًا لحكم التحريم.
وإذا كان كذلك صار كمال الحرمة فيهم لأهل الكتاب من اليهود والنصارى وهؤلاء ضربان:
أحدهما: بنو إسرائيل، وإسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فبعث الله تعالى نبيه موسى في بني إسرائيل بالتوراة، فآمن به جميعهم، ودعا غيرهم، فآمن بعضهم،