وأما السنة: فما روي ابن عباس رضي الله عنه أنه خرج في الاستسقاء متبدلا متذللا متواضعا متضرعا حتى أتى المصلى، فدعا على المنبر ولم يخطب كخطبتكم هذه ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير، ثم صلى ركعتين كما صلى في العيدين. وروى أنس رضي الله عنه قال: أصاب أهل المدينة قحط فقام رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب فقال:"هلك الكراع والشاء فاسأل الله أن يسقينا فمد يده ودعا "٢٤٦ ب/٣" فهاجت ريح، ثم أنشأت سحابا، ثم اجتمع فأرسلت السماء عزاليها، فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا، والعزالى: هي جمع العزلا، وهم فم المزادة وروى أنه لما قال الأعرابي هذا وهو في خطبة الجمعة كانت السماء كمثل الزجاجة فمد يده ودعا فلم تزل السماء تمطر إلى الجمعة الأخرى فقام إليه ذلك الرجل أو غيره؟ فقال يار سول الله: تهدمت البيوت فادع الله لنا أن يحبسه فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: " اللهم حوالينا ولا علينا" فنظرت إلى السحاب ينصدع حول المدينة كأنه إكليل، وهذا الخبر يدل على أنه يستحب الاستسقاء عند الجدب والدعاء على صرفه إذا خيف ضرره.
وأما الإجماع: روى أن العباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استسقى، وروي أن عمررضي الله عنه استسقى بالناس عام الرمادة فأخذ بضبعي العباس وأشخصه قائما وأرمى به نحو الشمال. وقال: "اللهم إنا جئناك نستسقيك ونستشفع إليك بعم نبيك" فما انقضى قوله والناس ينظرون إليها وإلى السحاب حتى نشأت سحابة فلم تلبث أن طبقت الأفق، ثم أرسلت السماء "٢٤٧ أ/٣" عزاليها فما رجعوا إلى حالهم حتى بلغهم الغيث، فأفرغ الله به الجنان، وأخصب به البلاد وذلك أبلغ المعجزات لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعظم