إذا أوصى بعتقه بعد موته، ففيه طريقان أحدهما: هل يباع عليه فيه قولان كما لو دبره، والثاني: يباع عليه قولا واحدًا لأن الوصية بعتقه أضعف من التدبير، ولو أوصى به لمسلم يباع عليه قولاً واحدًا لأنه لا يتوصل به إلى عتق هو أنفع له من البقاء في ملكه.
[باب تدبير الصبي الذي يعقل ولم يبلغ]
مسألة: قال: «من أجاز وصيته أجاز تدبيره».
جملة هذا أن في وصية الصبي وتدبيره قولين: أحدهما: لا يجوز، وبه قال مالك وأبو حنيفة واختاره المزني لأنه التدبير عقد، فلم يصح من الصبي كالبيع ولنه لا يصح عتقه، فلا يصح تدبيره كالمجنون، والثاني: يجوز وبه قال مالك في رواية، قال القاضي أبو حامد: وهذا أظهر قوليه، واختاره الشيخ أبو حامد لأنه منع من التصرف لحظة والخط ها هنا في جوازه لأنه إن عاش لا يلزمه ذلك وإن مات [٤١/ أ] يبقى له الأجر والثواب ويخالف العتق، لأنه لازم لا يمكن أن يرجع فيه. وروي أن قومًا سألوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في غلام يافع لم يبلغ الحلم، وروي كان ابن عشر سنين وصي لبنت عمه، فأجاز عمر رضي الله عنه وصيته.
فرع
يصح التدبير من السفيه المحجور عليه قولاً واحدًا، لأنه إنما منع من التصرف لئلا يضيع ماله، وبالتدبير لا يضيع لأنه باقٍ على ملكه، فإن مات استغنى عن المال وحصل له الثواب، وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه قولان أيضًأ، وهو ظاهر كلام الشافعي لأنه سوى بينه وبين الصبي.
فرع آخر
إذا قلنا: تصح وصية الصبي، فإن قلنا: يصح الرجوع عنه بالقول، فللصببي أن يرجع بالقول، فيقول: فسخته أو أبطلته، وإن قلنا: لا يصح الرجوع عنه إلا بما يزيل ملكه لا يصح من الصبي إزالة ملكه، قال الشافعي: فيقوم وليه مقامه في ذلك، فإذا رأى حظه في بيعه باعه وأبطل تدبيره، لأنه مندوب إلى القياس بمصالحه.
فرع آخر
لو باعه الولي وقصد به الرجوع في التدبير، ولم يقصد به المصلحة لم يجز لأنه لا حجر عليه فيه، ولو أراد الولي أن يرجع عنه بالقول لا يجوز قولا واحدًا، ولو أذن الصبي للولي في بيعه كان بيع الولي عن إذنه رجوعًا بكل حالٍ ذكره في «الحاوي».