(جملة) هذا أن الكافر كالمسلم في جواز تدبيره سواء كان يهوديًا أو نصرانيًا أو مجوسيًا أو وثنيًا، ذميًا كان أو حربيًا لأنه لما كان كالمسلم في سائر التصرفات كذلك في هذا، وإذا دبر الكافر عبدًا، فهو بالخيار بين أن يرجع في تدبيره أو يقيم عليه وحكم الرجوع كما ذكرنا، وإن اختار المقام عليه عتق بموته من الثلث كالمسلم سواءًا، وإذا دبر الحربي عبدًا كافرًا وأدخله دار الإسلام أو دبره في دار الإسلام [٤٠/ أ]، ثم أراد رده إلى ار الحرب لم يمنع منه لأنه مملوكه يجوز له استدامة ملكه عليه والتصرف فيه كيف شاء، والتدبير باق، ويفارق هذا إذا كاتب عبده يمنع من إجباره على الخروج معه لأنه قد زال ملكه عن منفعته وصار مخولاً دونه.
مسألة: قال: «فإن أسلم المدبر».
اعلم أنه إذا دبر الكافر عبده الكافر ثم أسلم العبد، فقال للسيد: أنت بالخيار فإن رجعت في تدبيره بطل التدبير وبعنا عليك ولا نمنعك الرجوع في التدبير كما لا نمنعك الرجوع في الوصية ولا ندعك تملك مسلمًا يمكن بيعه، عليك إن أقمت على التدبير ففيه قولان منصوصان، أحدهما: يباع عليه وبه قال مالك، واختاره المزني لأنه كالعبد القن في جواز التصرف فيه، والثاني: لا يباع عليه وهو الأصح. وبه قال أبو حنيفة لأن الحظ ها هنا للعبد في ترك البيع حتى لا يبطل حق حريته، فإذا قلنا: يباع فبيع بطل التدبير، وإذا قلنا: لا يباع قيل لسيده: لا تتركه في يدك فأنت بالخيار بين أن تسلمه إلى مسلم يكون في يده، وينف ق عليه من كسبه وبين أن تخارجه على شيء يدفعه إليك، أو إلى وكيلك إن لحقت بدار الحرب، وإذا مات واحتمله الثلث عتق كله، وإن لم يحتمله الثلث عتق منه قدر ما يحتمله الثلث، ويرق الباقي للورثة ويباع عليهم قولاً واحدًا لأن التدبير قد بطل في ذلك القدر ويمنعه خدمة السيد بكل حال لأنه مسلم والاستخدام استهانة. واحتج المزني على ما اختاره بأن التدبير وصية. ولو أوصى كافر [٤٠/ ب] بكافر، ثم أسلم العبد يباع عليه لأنه صار بالإسلام عدوًا له كذلك ههنا، قلنا: الموصى به لا يرجو خلاصًا من وثاق الرق باستيفاء الوصية، والمدبر باستيفاء التدبير يرجو خلاصًا من وثاق الرق فله حظ في إبقاء التدبير بخلاف ذلك فافترقا.
فرع
لو كاتب الكافر عبده الكافر ثم أسلم المكاتب لا يباع عليه قولاً واحدًا لأنه يحول بينه وبينه، وله إكسابه، وقال بعض أصحابنا بخراسان: هل يباع عليه المكاتب إذا أسلم فيه قولان، والأصح أنه لا يباع، والأصح في المدبر أنه يباع عليه.