للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا علق الطلاق بالبيع المطلق ليتقضي البيع الشرعي، فإن تزوج بها وظاهر منها صح الظهار من التي تزوج بها، وهل يكون مظاهرًا من امرأته؟ اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: لا يكون مظاهرًا؛ لأن الصفة لم توجد [١٣٨/ ب] وهو الظهار من الأجنبية، فإنه إذا تزوج بها لم تكن أجنبية. ومنهم من قال: يصير مظاهرًا؛ لأن الصفة مع التعيين إذا اجتمعا بتعلق الحكم بالتعيين دون الصفة، ومثل هذا إذا قال: والله لا آكل هذه الرطبة فصارت تمرة، أو قال: لا آكل لحم هذه السخلة فصارت كبشًا، هل يحنث؟ وجهان. ولو قال: إن تظاهرت من فلانة أجنبية فأنت عليَّ كظهر أمي فتزوج بها وظاهر منها كان مظاهرًا منها ولا يكون مظاهرًا من امرأته؛ لأن الصفة لم توجد، فإن قوله أجنبيةً بالنصب يقتضي أن تكون هذه الصفة حالًا لها في حال الظهار، فإنه نصب على الحال. وإن تظاهر منها وهي أجنبية لا يصير مظاهرًا من امرأته؛ لأنه لا يصح منها الظهار.

وقال المزني: يصير مظاهرًا لأنه لا يراد بذلك إلا اللفظ، وهذا غلط لما ذكرنا. ولو قال: أردت به من فلانة الأجنبية إن ظاهرت منها بعد الزوجية قبل منه ذلك، فإذا تزوج ها وظاهر كان مظاهرًا منهما جميعًا. ولو قال: أردت به إن خاطبتها بلفظ الظهار فخاطبها كان أيضًا مظاهرًا منهما جميعًا إن كان قد تزوج بها. وإن كانت أجنبية صار مظاهرًا من امرأته. ولو قال: إن تظاهرت من فلانة فأنت عليَّ كظهر أمي، وفلانة أجنبية ولكنه لم يقل أجنبية فإن تظاهر منها وهي أجنبية لم يصح منها ولا من زوجته، وإن تزوج فظاهر منها كان متظاهرًا منهما قولًا واحدًا، مثل أن قال: والله لا أدخل هذه الدار وهي في التقدير لزيد، فباعها زيد فدخلها حنث؛ لأنه علق اليمين بعينها فكذلك هاهنا.

[باب ما يوجب على المتظهر كفارة]

مسألة: قال: "قال الله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة:٣] [١٣٩/ أ] قالَ: فالذِي علقتُ ما سمعتُ في "ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا" أنه إذا أتت على المتظاهرِ مدةً بعد القول بالظهار لم يحرمها بالطلاق الذِي تحرمُ بهِ وجبتْ عليهِ الكفارة".

الفصل

عندنا كفارة الظهار لا تلزم بنفس الظهار، بل تجب بشرطين؛ الظهار والعود، فالظهار معلوم والعود أن يمسكها عليه عقيب الظهار مدة يمكنه طلاقها فلا يفعل، فإذا تظاهر وعاد استقرت عليه الكفارة. وقال سفيان الثوري: كفارة الظهار تجب بنفس الظهار، ومعنى الآية: والذين يظاهرون من نسائهم في الجاهلية ثم يعودون إلى ما قالوا في الإسلام. وروي هذا عن مجاهد، وحكي ابن سماعة هذا عن أبي حنيفة رحمه الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>