للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الألفاظ المتوالية لم يصر عائدًا في شيء ولم يلزمه كفارة، لأنه استعمل بما يؤكد الكلام الأول فلا يجعله مخالفًا فيه ولا راجعًا فيه، وإذا جعلناه استئنافًا فهل يكون استقالة بالكلمة الثانية عودًا في الكلمة الأولى عند الموالاة؟ وجهان ذكرهما القفال؛ أحدهما عود كما قلنا فيما لو ظاهر من أربع نسوة بأربع كلمات، فلما استقل عن الظهار بالثانية صار عائدًا في الأول، فعلى هذا لو أطلق عقيب الكلمات الأربعة مثلًا لزمته ثلاث كفارات في المرات الثلاث الأول ولا يلزمه في الرابعة شيء. والثاني: أنه مادام مشتغلًا بجنس الظهار، فهو غير عائد، فإذا طلق عقيب الكلمات الأربعة لم يلزمه كفارة، وإن لم يطلق لزمته الكفارات حينئذٍ.

ومن أصحابنا من قال: الظهار الثاني في زمان عوده من الظهار الأول فلا يكون مظاهرًا في وقت العود كما لا يكون عائدًا في وقت الظهار، فإذا كرر الظهار خمس مرات يصير الثاني عودًا، ويصير الثالث ظهارًا ثانيًا، ويصير الرابع عودًا في الثاني الذي كان ثالثًا، ويصير الخامس ظهارًا ثالثًا وهذا خطأ؛ لأن العود بالزمان والظهار بالقول فلم يقع الفرق في معنى زمان العود بين أن يكون فيه ممسكًا أو متكلمًا، ولم يقع الفرق [١٣٨/ أ] ولم يقع الفرق في كلامه بين أن يكون ظهارًا أو خطابًا وعلى هذا يلزمه خمس كفارات إذا كرر خمس مرات، وعلى هذا الوجه الذي ذكرنا يلزمه ثلاث كفارات. واعلم أن الشافعي. رحمة الله عليه. قيد المسألة التي ذكرها بقوله: "قيل يكفر"، وهذا ليس بشرط في وجوب الكفارات ولكنه نص على أخص الحالتين تنبيهًا على الأظهر حتى إذا علمت وجوب الكفارات بهذه الألفاظ قيل يكفر لا يكاد يخفي عليك حكم المسألة إذا كرر بعد أن كفر.

مسألة: قال: "ولو قالَ: إذا تظاهرتُ من فلانةِ الأجنبية فإنتِ علىَّ كظهرِ أميَّ فتظاهرَ من الأجنبيةِ لمْ يكنْ عليهِ ظهارٌ".

الفصل

أما إذا قال: إن تظاهرت من امرأتي الأخرى فأنت عليَّ كظهر أمي، ثم تظاهر من تلك يصير متظهرًا من الأولى بالصفة ومن الثانية بالمباشرة، فإن عاد فيهما فعليه عن كل واحدة كفارة قولًا واحدًا؛ لأنه ظاهر من إحديهما بغير ما ظاهر من الأخرى وأقل أحواله أن يكون تظاهر من كل واحدة منهما بلفظ مفرد. ولو قال: إن تظهرت من إحدى امرأتي فالأخرى عليَّ كظهر أمي ولم يعين بالقلب إحديهما فمن أيتهما تظاهر متظاهرًا من الأخرى. وإن قال لزوجتيه: إن تظاهرت من فلانة الأجنبية فأنت عليَّ كظهر أمي، ثم قال للأجنبية: أنت عليَّ كظهر أمي لم يكن عليه ظهار في واحدة منهما؛ لأن الظهار من الأجنبية لا يصح، ومتى علق الظهار بالظهار اقتضى الظهار الشرعي كما

<<  <  ج: ص:  >  >>