للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي رجع عن القول القديم إلى القول الجديد، والمسألة على قول واحد. وقال القفال: يمكن بناء القولين على أنه كالإملاء، أو كالطلاق، فإن جعلناه كالإملاء فكفارة واحدة، كما لو قال: والله لا أقربكن يكفي لهن كفارة واحدة إذا حنث. وإن قلنا: كالطلاق يلزمه أربع كفارات، ويمكن بناءهما أيضًا على أنه إذا تعددت اليمين واتحد الحنث هل يلزمه كفارة أو كفارات؟ وهو أن يقول: والله لا أكلم زيدًا، ثم يقول: والله لا أكلم رجلًا ثم كلم زيدًا؛ لأن هناك تعددت الأعيان واتحد الحنث، وهاهنا اتحد اللفظ ويتصور تعدد الصور المقرر للكفارة، وهذا البناء أبعد من الوجهين الأولين.

مسألة: قال: "ولو تظاهرَ منها مرارًا يريدُ بكلِ واحدةٍ ظهارًا غيرَ الآخر [١٣٧/ أ] قبلَ أن يكفرَّ فعليه بكلِّ ظهارٍ كفارةً".

إذ كرر لفظ الظهار في امرأة واحدة لا يخلو إما أن يكون متواليًا أو متفرقًا، فإن كان تواليًا نظر، فإن أراد بكل مرة الاستئناف كان عليه في كل مرة كفارة، كما عليه في لفظ تطليقه إذا كرر لفظ الطلاق وأراد الاستئناف، وإذا أراد التكرار على سبيل التأكيد يلزمه كفارة واحدة كما يكون في الطلاق تطليقة واحدة، ذكره في "الجديد". وعلى هذا إذا أطلق فيه قولان كما في الطلاق. قال أبو إسحاق: الظهار كان طلاقًا في الجاهلية فجعل فيه كفارة، فكل لفظ كان حكمه أن يكون طلاقًا فالساعة حكمه الكفارة؛ لأن الكفارة أقيمت مقامه. وقال أبو حامد وصاحب "الحاوي": المذهب في الظهار أنه إذا كرره وأطلق ولم ينوِ شيئًا يكفيه كفارة واحدة، والفرق بينه وبين الطلاق أن الطلاق يزيل الملك فهو أقوى من لفظ الظهار، لأنه يشعب الملك ولا يزيله، وهذا ضعيف، والصحيح ما تقدم، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك، أنه لو قال لها: أنت عليَّ كظهر أمي مائة مرة يلزمه مائة كفارة. وقال في "القديم": تجب كفارة واحدة ويتداخل وإن أراد الاستئناف؛ لأنه لم يفد الثاني إلا ما أفاد الأول، والظهار يوجب تحريم فرجها حتى يكفر، فإذا لم يكفر ولم يحل الفرج لم يكن لإعادة اللفظ معنى، وإن لم يوال بين الألفاظ لفرقها في الأيام. فإن أراد التأكيد كان تأكيدًا كالمتوالي بخلاف الطلاق؛ لأن الطلاق مزيل للملك فروعي الولاء من تأكيده بخلاف الظهار.

ومن أصحابنا من قال: لا يجعل تأكيدًا عند الفصل؛ لأنه أنشأ التحريم بخلاف الإيلاء لأنه تعليق قبل التأكيد وإن فصل. وقال القفال: فيه وجهان مبنيان [١٣٧/ ب] على أنه يسلك مسلك الإيلاء أو الطلاق، وإن أراد الاستئناف كان استئنافًا، ثم غن كان الظهار الثاني بعد التكفير عن الأول يلزمه في الثاني كفارة، وإن كان قبل تكفيره فيه قولان. وإن أطلق، فإن كان بعد التكفير عن الأول حمل على الاستئناف وإن كان قبل التكفير من الأول فيه وجهان، أحدهما: يحمل على الاستئناف وفيما يلزمه من الكفارة قولان. والثاني: يحمل على التأكيد. فإن تقرر هذا فحيث جعلناه تأكيدًا لو طلق عقيب

<<  <  ج: ص:  >  >>