للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير (محلة) هذا المدعي عليه فتبطل القسامة لبطلان اللوث فيها بإقراره ولا تبطل الدعوى لاحتمال أن يكون قد قتله في غير محلته، والقول فيما بينه بإرادته مما لا تبطل به القسامة، أو لا تبطل به الدعوى قوله مع يمينه وهي يمين واحدة، لأنها ليست في دم وإنما هي في شأن كلام محتمل والله أعلم.

[باب كيف يمين مدعي الدم والمدعي عليه]

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "وإذا وجبت لرجلٍ قسامةٌ حلف بالله الذي لا إله إلا هو عالم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور لقد قتل فلانٌ فلانًا منفردًا بقتله ما شاركه في قتله غيره وإن ادعى على آخر معه حلف لقتل فلانٍ وآخر معه فلانًا منفردًا بقتله ما شاركهما فيه غيرهما".

قال في الحاوي: وهذا صحيح، وإذا كان من شرط الدعوى أن تكون مفسرة، ينتفي عنها الاحتمال وجب أن يكون اليمين عليها مطابقة لها في استيفاء شروطها ونفي الاحتمال.

وذلك بخمسة أشياء وهي شروط في كمال يمينه ووجوب الحكم بها، ذكر المزني منها أربعة وأغفل الخامس، وقد ذكره الشافعي، في كتاب الأم.

أحدها: صفة اليمين.

والثاني: تعيين القاتل.

والثالث: تعيين المقتول.

والرابع: ذكر الانفراد بقتل، أو الاشتراك فيه.

والخامس: وهو الذي أغفله المزني صفة القتل من عمد وخطأ.

فأما اليمين فلا تصح إلا بأحد ثلاثة أشياء: إما بالله تعالى أو باسم من أسمائه وإما بصفة من صفات ذاته، ولا تصح بصفات أفعاله لأنها مخلوقة، وصفات ذاته قديمة، واليمين بالمخلوقات لا تصح، وإن كانت معظمة فيمينه بالله تعالى أن يقول والله أو بالله، أو تالله فيضم إليه حرف القسم به وهو أحد ثلاثة حروف الواو - والباء - والتاء - ودخول حرف القسم عليه يقتضي أن يكون إعرابه مجرورًا فيقول: والله بالكسر فإن جعله مرفوعًا فقال: والله بالضم، أو جعله منصوبًا فقال: والله بالفتح.

قال الشافعي في كتاب "الأم": أجزأه لأنه لحن لا يزيل المعنى ولم يفرق، وفرق بعض أصحابه بين من كان من أهل العربية والإعراب في كلامه وبين من لم يكن منهم فجعلها ممن ليس من أهل العربية يمينًا، لأنهم لا يفرقون بين اللحن والإعراب،

<<  <  ج: ص:  >  >>