للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعوى عليه مبطلًا للقسامة مع الأول.

والثاني: تسمع الدعوى على الثاني، لأن الدعوى في القسامة على الأول كانت بغلبة الظن، وإقرار الثاني يقين، فلم يسقط حكم اليقين بغلبة الظن، ولو أقر بالقتل وقامت البينة أنه كان وقت القتل غائبًا لم تسمع البينة، لأنه أكذبها بإقراره والله أعلم.

فصل:

والثالث: أن يقر المدعي بعد قسامته بما يمنع منها وهو على ثلاثة أقسام:

أحدها: ما يبطل به قسامته ودعواه وهو أن يقر بأنه كذب في دعواه، أو يقول قتل أبي غيره، أو يقر أنه كان غائبًا عند القتل في بلد آخر، كان محبوسًا، فيكون هذا وما أشبهه مبطلًا لقسامته ودعواه، فإن عاد فادعى قتل أبيه على غيره لم تسمع دعواه لتكذيبها بالدعوى الأولى.

والثاني: ما يبطل قسامته ولا يبطل دعواه - وهو أن يقر بأن المقتول نقل إلى محلته بعد القتل، فتبطل به قسامته لاعترافه ببطلان اللوث، ولا تبطل به الدعوى لاحتمال أن يكون قد قتله في غير محلته، فتصير الدعوى متجردة عن لوث، فيكون القول فيها قول المدعى عليه مع يمينه، فإن حلف برئ، وإن نكل ردت اليمين على المدعي واستأنف اليمين ولم يجزه بما تقدم من أيمان القسامة.

والثالث: ما يرجع فيه إلى إرادته، لاحتماله ويعمل فيه على بيانه، وهو أن يقر بأن ما أخذه بالقسامة ظلم أو حرام وهذا محتمل أن يريد به أن الحكم بالقسامة على رأي أهل العراق، ويحتمل أن يريد به أن الحكم بالدية القود ظلم على مذهب مالك حين أوجب القود بالقسامة ويحتمل أن يريد به أن دعوى اللوث كاذبة، ويحتمل أن يريد به أن دعوى القتل دعوى كاذبة، فلهذه الاحتمالات المتعارضة ما وجب أن يرجع إلى إرادته ويعمل فيه على بيانه وينقسم بيانه ثلاثة أقسام:

أحدهما: ما لا تبطل به القسامة ولا الدعوى، وهو أن يريد أن الحكم بها ظلم على رأي أبي حنيفة، أو يقصد على مذهب مالك، فلا تبطل قسامته، ولا يسترد ما أخذه، لأن نفوذ الحكم يكون باجتهاد الحاكم لا باجتهاد المدعي لكن فيما بينه وبين الله تعالى أنه لا تحل له الدية، إذا اعتقد أنه لا يستحقها وإن لم تسترجع منه.

والثاني: ما تبطل به القسامة وتبطل به الدعوى، وهو أن يقر بالكذب فيها أو أن المدعي عليه كان غائبًا عن بلد القتيل، أو يدعي أن المنفرد بقتل أبيه غيره فتبطل قسامته ودعواه في هذا كله، ويصير المدعي عليه بريئًًا من الدعوى، وعليه رد ما أخذ منه بالقسامة، ولا تسمع دعواه على غيره لإكذابها بالدعوى الأولى، فتصير باطلة في عموم الناس كلهم ولا تسمع بينة فيه ويصير دم أبيه هدرًا.

والثالث: ما تبطل به القسامة ولا تبطل به الدعوى، وهو أن يقر أن قتيله قتل في

<<  <  ج: ص:  >  >>