[كتاب الأيمان]
قال في الحاوي: أما اليمين فهي القسم، سمي يمينًا، لأنهم كانوا إذا تحالفوا ضرب كل واحد منهم يمينه على يمين صاحبه.
والأصل في الأيمان قول الله تعالى: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة ٢٢٤].
أما العرضة في كلام العرب، ففيها وجهان:
أحدهما: أنها القوة، والشدة.
والثاني: أن يكثر ذكر الشيء حتى يصير عرضة له، ومنه قول الشاعر:
فلا تجعلني عرضة للوائم
وأما العرضة في الأيمان، ففيها تأويلان:
أحدهما: أن يحلف بها في كل حق وباطل، فيبتذل اسمه، ويجعله عرضة.
والثاني: أن يجعل يمينه علة يتعلل بها في بره، وفيها وجهان:
أحدهما: أن يحلف: لا يفعل الخير، فيمتنع منه لأجل يمينه,
والثاني: أن يحلف: ليفعلن الخير، فيفعله لبره في يمينه لا للرغبة في ثوابه. وفي قوله تعالى: {أَنْ تَبَرُّوا} [البقرة: ٢٢٤] تأويلان:
أحدهما: أن تبروا في أيمانكم.
والثاني: أن تتقوا الخبث {وَاللَّهُ سَمِيعٌ} [آل عمران: ١٢١] لأيمانكم {عَلِيمٌ} [الأعراف: ١٠٩] بافتقاركم. وقال تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: ٢٢٥].
واللغو في كلام العرب هو ما كان قبيحًا مذمومًا، وخطًا مذمومًا مهجورًا، ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} [القصص: ٥٥].
وفي لغو الأيمان سبعة تأويلات، وقد أفرد الشافعي لذلك بابًا يذكر فيه، وفي ترك المؤاخذة به وجهان: