للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طيب؟، قولان، وليس بشيء، ولو اختصت بعد الإحرام ولفت على اليد خرقةً فقد ذكرنا قولين وقال أبو حامد: إن لم تشد الخرقةَ لم تجب الفديةَ، وإن شدت فهي على القولين كالقفازين. وقال بعض أصحابنا بخراسان: إن جوزنا لبس القفازين فهذا أولى، وإلا فيه وجهان، وذكروا أيضًا أنه لو خضب لحيته بالحناء، قال الشافعي في موضع: لا شيء عليه وإن لفّ عليها خرقةً أو جعلها في كيس خاطه لها، وقال في موضع: وعليه، ومعنى القولين إن خضاب الشعر بالحناء هل يحصل ترحيلًا له كالترحيل بالدهن، أم لا؟

ذكروا أيضًا أنه يستحب للمرأة أيضًا إذا أرادت الإحرام أن تمسح بوجهها شيئًا من الحناء ليستر حسن بشرتها، فإن قيل: إذا لم يكن الحناء طيبًا فما معنى تقييد الشافعي ذلك بما قبل الإحرام؟، قلنا: قد علم الشافعي اختلاف الماس والأخبار في ذلك، فاحتاط أو علم أن عادتهن لفّ الخرقة عليها، وهو ممنوع لتحريم القفازين، والله أعلم.

وأما إذا لم ترد الإحرام فإن كان لها زوج لا يكره لها الاختضاب، وإن لم يكن لها زوج كره. وكذا قال أصحابنا بالعراق. وقال القفال: يستحب لها الخضاب بالحناء بكل حال، فتختضب في يديها إلى الكوعين، وذلك في جملةُ ما أقرت به من الستر؛ لأن ذلك يخفي لون بشرتها ولا تطرف، [٧٥/ب] فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التطريف (١) وهو أن تخضب أطراف الأصابع، وروي أن امرأةً أرادت أن تبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخرجت يدها، فقال: "أريد رجل أم يد امرأة"؟ فقيل: يد امرأةً، فقال: "فأين الحناء (٢) " قال: واستحباب ذلك عند الإحرام أكثر ولا يزيد على الكوعين لأن ذلك القدر يجب عليها كشفه في الصلاة في قول. قال: ولا تتخذ من الحناء نقوشًا بل تلطخ يدها بالحناء لطخًا.

فرع

يستحب لها أن تتطيب للإحرام كما قلنا في حق الرجل لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنا نخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة فنضمد جباهنا بالمسك عند الإحرام، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه رسول الله - صلى الله عليه وسلم، فلا ينهانا" (٣) وروي: فلا ينكر علينا، وغلط بعض أصحابنا حيث قالوا: لا يجوز لها ولا للرجال أن يتطيبا قبل الإحرام بطيبٍ له أثر، والكبيرةَ والشابةً في هذا سواء، فإن قيل: أليس قلتم إذا أرادت حضور الجمعةَ تجتنب الطيب وإن استحي للرجل؟ قلنا: إن الفرق أن الحكم هناك أضيق لأنه يكره للشابةً حضور الجمعةَ ولا يكره لها الخروج للإحرام، ولأن هناك يضيق المكان بالازدحام، وفي الحج لا يضيق المكان ويتسع الانفراد فافترقا.

[باب ما يجتنبه المحرم من الطيب ولبس الثياب]

مسألةً: قال (٤): ولا يلبس المحرم قميصا ولا عمامةً.


(١) قال ابن حجر في "التلخيص" (٢/ ٤٥٣).: لم أجده.
(٢) أخرجه أبو داود ((٤١٦٥))، والنسائي ((٥٠٨٩))، وأحمد ((٢٦٢٨)).
(٣) أخرجه البيهقي في "الكبرى" ((٩٠٥٢)).
(٤) انظر الأم (٢/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>