للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: لهما ذلك أشار إليه في "الإملاء"، وهذا لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يجاهد، فقال: "لك أبوان"؟، فقال: نعم، فقال: "ارجع ففيهما فجاهد" فلما منع من الجهاد مع أنه فرض على الكفاية فلان يمنع من حجة التطوع أولى.

والقول الثاني: نص عليه في "الأم" ليس لهما المنع، لأنه صار لازماً بالشرع، في شبه حج الفرض.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: حكم الولد مع الأبوين في الفرض كحكم الزوج مع الزوجة، وهذا غلط، لأن حق الزوج مستحق مضيق بخلاف حق الأبوين.

فَزعٌ أخرُ

لو أذن له أحدهما، فإن كان الأب الآذن والمانع الأم مضى في حجه، وإن كان المانع الأب له منعه ذكره في "الحاوي"،وهذا مشكل عندي، فإذا تقرر هذا، فكل موضع قلنا: للزوج أو للسيد أو للأب المنع والتحلّل فحكمه حكم المحصر بالعدو، وقد ذكرنا حكمه، ثم اعلم أنه قال في "المختصر": وللسيد [٢٣٩/ب] والزوج منعهما بالتحليل، وهما في معنى العدو في الإحصار، وفي أكثر من معناه لهما منعهما وليس ذلك للعدو ومخالفون للعدو في أنهما غير خائفين خوفه أي غير خائفين من الزوج والسيد كخوف العدو، فكأنه أشار بهذا إلى القول الآخر في أنه ليس لهما التحلّل، لأن حصرهما خاص.

ذكره بعض أصحابنا بخراسان: وقيل: هذا بيان بعد الجمع والترجيح لنوع من المخالفة بين الحصرين، فقال: العبد والزوجة غير خائفين خوف المحصر بالعدو، وكذلك القياس، فإن الفرع والأمل لا يجتمعان في جميع معانيهما وأنهما يجتمعان مرة ويفترقان أخرى.

[باب الأيام المعلومات والمعدودات]

مَسْأَلٌة: قال: والأيام المعلومات العشر.

اعلم أن القصد بهذا الباب أن الله تبارك وتعالى ذكر في مناسك الحج الأيام المعلومات، والأيام المعدودات، فقال في سورة البقرة: {واذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة:٢٠٣] الآية. فقصد الشافعي - رضي الله عنه - أن يبين المعلومات من المعدودات، فالمعلومات العشر آخرها يوم النحر، وهي العشر الأول من ذي الحجة. وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس في رواية. وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة في رواية مثل قولنا، وفي الرواية الثانية، عنه: المعلومات ثلاثة أيام: يوم عرفة ويوم النحر ويومان بعده ويوم الفطر.

وروي عن علي وابن عباس رضي الله عنهما: أنها أربعة أيام: يوم عرفة ويوم النحر ويومان بعده، وأما المعدودات، [٢٤٠/أ] فثلاثة أيام بعد يوم النحر، وهي أيام التشريق، وعندنا تجوز التضحية فيها، وعند أبي حنيفة: لا يجوز التضحية في اليوم

<<  <  ج: ص:  >  >>