قال في الحاوي: والأصل وجوب الصداق في النكاح: الكتاب والسنة والإجماع.
فأما الكتاب: فقوله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}[النساء: ٤] وفيمن توجه إليه هذا الخطاب قولان:
أحدهما: أنه متوجه إلى الأزواج وهو قول الأكثرين.
والثاني: أنه متوجه إلى الأولياء لأنهم كانوا يتملكون في الجاهلية صداق المرأة فأمرهم الله تعالى بدفع صدقاتهن إليهن وهذا قول أبي صالح وفي نحلة ثلاث تأويلات:
أحدها: يعني تدينًا من قولهم: فلان ينتحل كذا أي يتدين به.
والثاني: يطيب نفس كما تطيب النفس بالنحل الموهوب.
والثالث: أنه نحل من الله تعالى لهن بعد ان كان ملكًا لأوليائهن والنحل الهبة وقال الله تعالى فيما حكاه عن شعيب في تزويج موسى بابنته قال: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَاجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ}[القصص: ٢٧] ولم يقل على أن تأجرها فجعل الصداق ملكًا لنفسه دونها ثم قال: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا}[النساء: ٤] يعني الزوجات إن طبن نفسًا عن شيء من صدقاتهن لأزواجهن في قول من جعله خطابًا للأزواج ولأولياهن في قول من جعله خطابًا للاولياء {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}[النساء: ٤] يعني لذيذًا نافعًا وقال تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَاخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا}[النساء: ٢٠] أي قد ملكن الصداق وإن استبدلتم بهن غيرهن {قِنْطَارًا فَلَا تَاخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا}[النساء:٢٠] وإن كان الصداق قنطارًا وفي القنطار سبعة أقاويل:
أحدها: أنه ألف ومائتا أوقية وهو قول معاذ بن جبل وأبي هريرة.