للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الصداق]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى: "ذَكَرَ اللَّهُ الصَّدَاقَ وَالأَجْرَ فِي كِتَابِهِ وَهُوَ المَهْرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: ٢٣٦] فَدَلَّ أَنَّ عُقْدَةَ النِّكَاحِ بِالكَلَامِ وَأَنَّ تَرْكَ الصَّدَاقِ لَا يُفْسِدُهَا".

الدليل على وجوب الصداق

قال في الحاوي: والأصل وجوب الصداق في النكاح: الكتاب والسنة والإجماع.

فأما الكتاب: فقوله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤] وفيمن توجه إليه هذا الخطاب قولان:

أحدهما: أنه متوجه إلى الأزواج وهو قول الأكثرين.

والثاني: أنه متوجه إلى الأولياء لأنهم كانوا يتملكون في الجاهلية صداق المرأة فأمرهم الله تعالى بدفع صدقاتهن إليهن وهذا قول أبي صالح وفي نحلة ثلاث تأويلات:

أحدها: يعني تدينًا من قولهم: فلان ينتحل كذا أي يتدين به.

والثاني: يطيب نفس كما تطيب النفس بالنحل الموهوب.

والثالث: أنه نحل من الله تعالى لهن بعد ان كان ملكًا لأوليائهن والنحل الهبة وقال الله تعالى فيما حكاه عن شعيب في تزويج موسى بابنته قال: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَاجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: ٢٧] ولم يقل على أن تأجرها فجعل الصداق ملكًا لنفسه دونها ثم قال: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} [النساء: ٤] يعني الزوجات إن طبن نفسًا عن شيء من صدقاتهن لأزواجهن في قول من جعله خطابًا للأزواج ولأولياهن في قول من جعله خطابًا للاولياء {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤] يعني لذيذًا نافعًا وقال تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَاخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠] أي قد ملكن الصداق وإن استبدلتم بهن غيرهن {قِنْطَارًا فَلَا تَاخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء:٢٠] وإن كان الصداق قنطارًا وفي القنطار سبعة أقاويل:

أحدها: أنه ألف ومائتا أوقية وهو قول معاذ بن جبل وأبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>