قال في الحاوي: هذه الآية هي أصل ما ورد في قتال أهل البغي، واختلف في سبب نزولها على قولين:
أحدهما: ما حكاه السدي: أن رجلًا من الأنصار كانت له امرأة تدعى أم زيد أرادت زيارة أهلها فمنعها زوجها، فاقتتل أهله وأهلها، حتى نزلت هذه الآية فمنعهم.
والثاني: ما حكاه الكلبي ومقاتل: أنها نزلت في رهط عبد الله بن أبي ابن سلول من الخزرج، ورهط عبد الله بن رواحة من الأوس.
وسببه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على عبد الله بن أبي ابن سلول راكبًا على حمار له، فراث الحمار، فأمسك عبد الله بن أبي ابن سلول أنفه، وقال: إليك حمارك، فغضب عبد الله بن رواحة وقال: لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب ريحًا منك ومن أبيك، وتنافروا وأعان كل واحد منهما قومه، فاقتتلوا بالنعال والأيدي، فنزلت هذه الآية فيهم، وأصلح رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم.
فقال:{وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}[الحجرات:٩] يعني: جمعين من المسلمين أخرجهم التنافر إلى القتال فأصلحوا بينهما، وهذا خطاب ندب إليه كل من قدر على الإصلاح بينهم من الولاة وغير الولاة، وإن كان بالولاة أخص {فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى}[الحجرات:٩] والبغي: التعدي بالقوة إلى طلب ما ليس بمستحق {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي}[الحجرات:٩] فيه وجهان: