دليل (على) فساد المذهبين ويصح ما ذهب إليه الشافعي من منع كل قاتل من الميراث لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: القاتل لا يرث, وقال ليس لقاتل شيء.
فصل:
فإذا تقرر أن لا ميراث لكل قاتل تعليق عليه حكم القتل في ضمان دية أو كفارة لأنه قاتل بحق, فهو علي ضربين:
أحدهما: أن يكون مخيرا فيه, وإن كان محقا كالمقتضي منه قودا فلا ميراث له لتوجه التهمه إليه في عدوله عن العفو إلي القصاص رغبة في الميراث فوجب أن يمتنع منه.
والثاني: أن يجب عليه قتله ولا يكون مخيرا كالحاكم إذا قتل في زنا أو في قصاص استوفاه لخصم فهذا علي ضربين:
أحدهما: أن يقتلهم بالبينة فلا يرث لأنه متهوم في تزكية الشهود فمنعته التهمة في الميراث.
والثاني: أن يقتلهم بإقرارهم ففي ميراثه لهم وجهان لأصحابنا:
أحدهما: وهو قول أبي العباس بن سريج يرثهم لانتقاد التهمة عنه في إقرارهم.
والثاني: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة والأكثرين والظاهر من مذهب الشافعي أنه لا يرث لإطلاق اسم القتل عليه وإن انتفت التهمة عنه كالصبي والمجنون, والله أعلم بالصواب.
[باب الشهادة علي الجناية]
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: ((ولا يقبل في القتل وجراح العمد والحدود سوي الزني إلا عدلان)).
قال في الحاوي: أما الشهادة فتنقسم علي أقسام: موضوع استيفائها كتاب الشهادات ونحن نذكر في هذا الموضع ما اختص به من الشهادة في الجنايات.
والجنايات ضربان: عمد يوجب القصاص, وخطأ يوجب المال, فأما العمد الموجب للقصاص فلا تثبت البينة فيه إلا بشاهدين ولا يثبت بشاهد وامرأتان, كالحدود وسواء كان في نفس وفيما دون النفس.
وقال الحسن البصري: لا يقبل في النفس إلا أربعة شهود: كالزني لأنها إماتة نفس, ويقبل فيما دونها شاهدان كالحدود وقال مالك: يقبل فيما قل من الجراح شاهد