للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون مجنونا أو صبيا فلا يحرم الميراث لأن القلم عنهما مرفوع وقال أهل المدينة لا يرث قاتل عمد ولا يرث قاتل خطأ من الدية ويرث من سائر ماله, قال محمد بن الحسن هل رأيتم وارثا يرث بعض مال رجل دون بعض إما أن يرث الكل أو لا يرث شيئا قال الشافعي رحمه الله يدخل علي محمد بن الحسن أنه يسوي بين المجنون والصبي وبين البالغ الخاطئ في قتل الخطأ ويجعل علي عواقلهم الدية ويرفع عنهم المأثم فكيف ورث بعضهم دون بعض وهم سواء في المعني قال: ويدخل علي أصحابنا ما دخل علي محمد بن الحسن وليس في الفرق بين قاتل خطأ لا يرث وقاتل عمد خبر يلزم ولو كان ثابتا كانت فيه أشبه. قال المزني رحمه الله: المعني تأويله إذا لم يثبت فرق أنهما سواء في أنهما لا يرثان وقد قطع بهذا المعني في كتاب قتال أهل البغي فقال: إذا قتل العادل الباغي أو الباغي العادل لا يتوارثان لأنهما قاتلان قال وهذا أشبه بمعني الحديث)).

قال في الحاوي: وهذا قد مضي قد كتاب الفرائض وذكرنا اختلاف الفقهاء في ميراث القاتل فذهب الشافعي رضي الله عنه أنه لا يرث قاتل عمد ولا خطأ سواء جري عليه القلم بالبلوغ والعقل أو رفع عنه القلم بالصغر والجنون.

وقال أبو حنيفة: لا يرث قاتل عمد ولا خطأ إن جري عليه القلم ويرث إن رفع عنه القلم وقال مالك: لا يرث قاتل العمد وإن رفع عنه القلم ويرث الخطأ من المال دون الدية وإن جري عليه القلم, فرد محمد بن الحسن علي مالك هذا القول وقال: هل رأيتم وارثا يرث بعض مال رجل دون بعض؟ إما أن يرث الكل أو لا يرث شيئا, هذا رد صحيح من محمد بن الحسن علي مالك حيث ورث الخاطئ من المال دون الدية, وكلاهما مال للمقتول يقضي منهما ديونه وتنفذ منهما وصاياه فإن انتفت التهمة عن الخاطئ ورث الكل وإن تحققت التهمة منع الكل, ولم يجز تبعيض المال في ميراث فيرث بعض ويمنع بعض كما أن المبتوتة بالطلاق في المرض لما لحق الزوج التهمة في منعها من ثلث ماله لأنه الثلث غير متهوم في منها منه, لأن له أن يمنع منه كل وارث فلم يلحق الزوج تهمة في منعها وقد كان يقتضي علي قياس قوله أن يورثها ثلث ماله ولا يورثها من الثلث لاختصاص التهمة بالثلثين دون الثلث وقد اجتمعت الأمة علي إبطال هذا التبيض, وكانوا في توريثها علي قولين: فمن ورثها منهم ورثها جميع المال, وإن كان غير متهوم في بعضه ومن لم يورثها منعها جميع المال وإن الشافعي رد علي محمد بن الحسن فيما ذهب إليه أبو حنيفة من توريث مع دفع عنه القلم دون من جري عليه القلم لأن الصبي والمجنون قد شاركا الخاطئ في وجوب الدية, وشاركهما الخاطئ, في ارتفاع المأثم فصاروا جميعا سواء في الحكم والعلة, فهلا صاروا سواء في الميراث في أن يرثوا أو لا يرثوا؟ وكيف فرق بينهم في الميراث وقد تساووا في سببه وهذا التكافؤ في الاعتراض

<<  <  ج: ص:  >  >>