سيده فله من الدينار المستحق بقسط عمل زيد منه؛ لأن عمله لم يفت ولا شيء للوارث منه لقسط عمل نفسه لأن ما لم يلزم من للعقود يبطل بالموت فلم يقم عمل الوارث مقام عمل الموروث وإن لم يأت الوارث بالعبد فالصحيح أنه لا شيء لوارث زيد فيما عمله من حمل العبد؛ لأن زيد لو كان حيًا فلم يتهم حمله لم يستحق شيئًا. وقال بعض أصحابنا باختياره فات عليه عمله، وهذا التعليل غير صحيح؛ لأن زيد لو كان على حمله فهرب العبد منه لم يستحق لما في عمله شيئًا وإن لم يختر تفويت العمل عليه، فلو مات العبد قبل وصوله إلى بلده فلا شيء له في حمله ولا ضمان عليه في موته، وهكذا لو مات بعد وصوله إلى بلده وقبل حصوله في يد سيده وهذا يوقع فساد ذلك التعليل.
فصل: ولو قال وهو بالبصرة ن يا زيد إن جئتني بعيدي من بغداد فلك دينار فجاء به منها استحق، ولو جاء به من أبعد منها والموصل لم يستحق أكثر من الدينار، ولو جاء به من أقل منها نحو واسط استحق من الدينار بقسطه، لأن بعض العمل الذي جعل له الدينار في مقابلته.
فصل: ولو قال: إن من جاءني بعيدي فله دينار، ثم قال بعده: من جاءني بعيدي فله عشرة دنانير، كان الآخر من توليه هو المعمول عليه، ويكون لسن جاء به عشرة دنانير ويعكس من قالب من جاءني فله عشرة، ثم قالب من جاءني به فله دينار كان للجار به دينار واحد والله أعلم بالصواب.
[باب التقاط المنبوذ يوجد معه الشيء]
قال الشافعي رحمه الله تعالي فيما وضع بخطه: ما وجد تحت منبوذ شيء مدفون من ضرب الإسلام أو كان قريبًا منه فهو لقطة أو كانت دابة فهي ضالة فإن وجد على دابته أو على فراشه أو على ثوبه مال فهو له".
قال في الحاوي: وهذا كما قال، أما المنبوذ فهو الطفل يلقي: لأن النبذ في كلامهم الإلقاء وسمى لقيطًا لالتقاط واجده له، وقد تفعل المرأة ذلك بولدها لأمور؛ منها: أن تأتي به من فاحشة فتخاف العار، فتلقيه، أو تأتي به من زوج فتضعف عن القيام به فتلقيه رجاء أن يأخذه من يقدم به، أو تموت الأم فيبقى ضائعًا فيصير فرض كفاية والقيام بتربيته علي كافة من علم بحاله حتى يقوم بكفالته منهم من فيه كفاية، كالجماعة إذا رأوا غريقًا يهلك او من ظفر به سبع فعليهم خلاصه واستنفاذه لقوله عز وجل:{ومَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة: ٣٢] وفيه تأويلان: أحدهما: أن على جميع الناس شكره حتى كأنه قد أحياهم.