وهذا كما قال: الحوالة مشتقة من الإحالة والتحويل، وهو نقل الحق من محل إلى محل ومن ذمة إلى ذمة يقال: حولت الشيء من موضع إلى موضع إذا نقلت إليه.
والأصل في جوازها ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((مطل الغني ظلم وإذا أُتبع أحدكم على ملء فليتبع)). وقوله "أتبع" بتخفيف التاء وتسكينها وضم الألف ومعناه أحيل وأصحاب الحديث يقولون "أتبع" بالتشديد وهو غلط. وروي "من أتبع على سبيل فليتبع". وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال:(إذا أحيل أحدكم على ملء فليحتل) فإذا ثبت جوازها لا تتم الحوالة إلا بثلاثة أنفس محيل ومحتال ومحاٍل عليه، فالمحيل من يحيل بما عليه، والمحتال من له الحق، والمحال عليه من ينتقل حق المحتال إليه، وصفته أن يكون عليه دين فيطالبه به فيحيله على رجل له عليه دين من جنسه، فإذا أحاله عليه لم يجب على المحتال قبول الحوالة، بل هو إلى اختياره ورضاه. ... وقال داود وابو ثور: يلزمه قبول الحوالة إذا أحيل على ملىٍء، وروي هذا عن أحمد لظاهر الخبر الذي ذكرنا. وهذا غلط، لأن نقل الحق إلى العين لا يجوز إلا بالتراضي فنقله إلى الذمة أولى أن لا يجوز. ولو سأله الحوالة لا يجب على المحيل ذلك ويفتقر إلى رضاه لأن من له الحق يتخير في وجهة القضاء، وليس لمن له الدين أن يقول: أقضي ديني من هذا المال دون هذا. وأما المحال عليه هل يعتبر رضاه؟ فالمذهب المشهور أنه لا يعتبر رضاه وبه قال مالك وأحمد. وقال ابن أبي أحمد في "التلخيص": نص الشافعي في "الإملاء" على أنه: يعتبر رضاه ولا تتم إلا به وبه قال الاصطخري والزبيري وهو ظاهر مذهب المزني، لأنه أحد من يتم به الحوالة فيعتبر رضاه كالمحتال وبه قال أبو حنيفة رحمه الله، وهذا غلط لأن من له حق على إنسان له أن يقبضه بنفسه وبوكيله وليس لمن عليه الامتناع من الدفع إلى الوكيل فلا يكون له الامتناع من الدفع إلى المحتال لأن الحوالة أشد من الوكالة. ويفارق المحتال لأنه صاحب الحق وهو