وأمّا ما يكره قتله، فهو كل ما لا يضر ولا ينفع كالخنافس والديدان والجعلان. والقطا والحسكاء.
قال الشافعي رضي انأ عنه في "الأم ": لا أحبّ قتلها، فإن قتل: فلا شيء فيه. وفي هذا المعنى الذباب والنحل والبغاث والرخمة، وإن كان في النحل منفعة العسل، فيكره قتلها، ولا يحرم. وأما ما يباح قتله، ولا يكره ولا يستحبّ، فكل ما فيه نفع من وجه وضرر من وجه، وهو جوارح الطير كالعقاب والبازي والصقر والشاهين [٢٢٩/ ب] والباشق يغدو على أموال الناس، وفيه منفعة الاصطياد.
وقال أبو إسحاق: يحرم قتل ما لم يكن مؤذيًا منها، وإن لم يلزم الجزاء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "في كل ذات كبد حرى أجر" وهذا خلاف النص.
فرع آخر
لو قتل قملة ظاهرة على جسده، أو ألقاها أو قتل قمل حلال، فلا فدية عليه، والقملة ليست بصيد نص عليه في "المناسك الكبير". قال: ولو أخرجها من رأسه، فقتلها أو طرحها يفتدي، لأنها كإماطة الأذى فكرهناه كراهية قطع الظفر والشعر. وقال: افتدى بلقمة وكل ما افتدى به، فهو أكثر منها.
قال: والصبئان كالقمل فيما أكره من قتله وأجيز، وهو صغار القمل وبيضه. وقال بعض أصحابنا بخراسان: قال الشافعي في موضع لا فدية فيه. وقال في "الأم ": فيه الفدية لإماطة الأذى بها كحلق الشعر، فقيل: قولان. وقيل: قولا واحدًا لا تجب الفدية، وأراد بما ذكر من الفدية الاستحباب، وهذا أصحّ.
وقيل: أن الشافعي قال: وإن كان القمل على ظاهر بدنه، أوثوبه أماطه عنه، وإن كان في رأسه أو لحيته أكره أن يتوقى ذلك. وقال بعض أصحابنا: وكذلك البق والبعوض والقردان، ولا فرق هذا بين الرجل والمرأة. وقال مالك: لا يقرد المحرم بغيره.
وروي عن ابن عمر أنه نهى عن ذلك، وهذا غلط، لأنه يتأذى به، فأشبه الحية، وأما ما روي عن ابن عمر أنه نهى عن ذلك، روينا عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقرد بغيره بالسقيا بالطين.
فرع آخر
لو نزا حمار وحش أتانا أهلية أو حمار أهلي أتانا وحشية فولدت يلزمه الجزاء في الولد، وإن لم يحل أكله، تغليبًا للتحريم [٢٣٠/ أ]، ووجوب الجزاء. قال الشافعي رضي الله عنه: فإن أشكل شيء من هذا على قاتله، فلم يدر أخالطه وحشي مأكول أم لا؟ فداه احتياطًا، ولا يجب فداؤه حتى يعلم أنه قد قتل وحشيًا، أو ما خالطه وحشي، لأن الأصل براءة الذمة.
[باب الإحصار]
مسألة: قال الله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦] الآية