قَالَ: قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيمَنْ حَرَّمَ مَعَ القَرَابَةِ {وَأُمَّهَاتُكُمُ الَّلاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ}[النساء: ٢٣] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة".
الأصل في تحريم الرضاع الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فما ذكر من الآية [ق ١٤٦ ب] قال الشافعي ونصه عليهما يعني على الأم والأخت للتنبيه على غيرهما لأنه حرم الأخوات والبنات أقر من الأخوات فكن بالتحريم أولى ويدل على التنبيه الخبر الذي ذكر، وقال أصحابنا: كأنه نبه بذكر البنات على سائر النسب وبذكر الإخوات على جميع المحارم ممن يلي جانب النسب لأنه ليس في جميع المحارم إلا معنى الولادة ومعنى الأخوة فالأم والجدات والبنات وبنات الابن يحرمن بحكم الولادة والأخوات والعمات والخالات بمعنى الأخوة إذ عمة الرجل أخت أبيه وخالته أخت أمه.
وأما السنة ما ذكرنا من الخبر روته عائشة رضي الله عنها وروى علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".
وروى أبو الطفيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم لحمًا بالجعرانة فأقبلت امرأة وزنت إليه فبسط لها رادءه فجلست عليه فقلت من هذه؟ قالوا: أمه أرضعته.
وأما الإجماع فلا خلاف بين المسلمين فيه. فإذا تقرر هذا فحكم الرضاع حكم النسب في شيئين:
أحدهما: في تحريم النكاح.
والثاني: في حرمة المحرمية فتعتبر محرمًا له حتى يجوز له أن يحلو بها وينظر منها إلى ما ينظر إليه ذوو المحارم.
وأما سائر أحكام النسب من الميراث والنفقة والعتق بالملك ورد الشهادة وسقوط القصاص لا يتعلق بالرضاع.