للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب أدب القضاء]

الأصل في وجوب القضاء وتنفيذ الحكم بين الناس الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى: {يَا دَاوُودُ إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: ٢٦] الآية، وأراد: إنا جعلناك خليفة لنا، وتكون الخلافة بالنبوة. وقيل: أراد خليفة لمن تقدمك فيها، [٥٨/ أ] وتكون الخلافة بالملك.

والحكم مأخوذ من الحكمة التي توجب وضع الشيء موضعه، وقيل: مأخوذ من إحكام الشيء ومن حكمه اللجام لما فيه من الإلزام.

وقوله: {بِالْحَقِّ} أي بالعدل، وقيل: بالحق الذي لزمك لله تعالى، وقوله: {ولا تَتَّبِعِ الهَوَى} أي الميل مع من تهواه، وقيل: أن تحكم بما تهواه {فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} أي دين الله، وقيل: عن طاعة الله.

وقوله: {بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} أي بما تركوا العمل ليوم الحساب، وقيل: بما أعرضوا عن يوم الحساب. وقوله تعالى:

{ودَاوُدَ وسُلَيْمَانَ إذْ يَحْكُمَانِ فِي الحَرْثِ} [الأنبياء: ٧٨] الآيتين، النفش: رعي الليل، والهمل: رعي النهار، وكان الحكم في أغنام رجل رعت كرم آخر وزرعه، فحكم داود -عليه السلام- بالغنم لصاحب الكرم والزرع، وحكم سليمان -عليه السلام- بأن يدفع الغنم إلى صاحب الكرم لينتفع بدرها ونسلها ويدفع الكرم إلى صاحب الغنم ليعمره حتى يعود إلى حاله، ثم يرد الكرم ويسترجع الغنم، فقال الله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} وكان حكم الله تعالى فيما حكم سليمان، فرجع داود عن حكمه إلى حكم سليمان. فإن قيل: كيف نقض داود -عليه السلام- حكمه باجتهاد سليمان عليه السلام؟ قلنا: داود -عليه السلام- كان قد أفتى بهذا لم يحكم ولم بنفذه، فلذلك رجع عنه، ويجوز أن يكون حكم سليمان من وحي فيكون نصًا يبطل به الاجتهاد.

وقال الحسن البصري: لولا هذه الآية لرأيت الحكام قد هلكوا، لكن الله تعالى عذر هذا باجتهاده وأثنى على هذا بصوابه.

وأيضًا قوله تعالى: {فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء:٦٥] الآية، وهي نزلت في الزبير ورجلٍ من الأنصار وقد شهدا بدرًا، وقيل: إنه حاطب بن أبي بلتعة تخاصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيء شراج من الحرة كانا يسقيان به نخلاً لهما [٥٨/ ب] فقال صلى الله عليه وسلم: "أسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك" فغضب الأنصاري

<<  <  ج: ص:  >  >>