يمين؛ لأن اليمين بالله تعالى لا تصح إلا بلفظ معظمٍ مفخمٍ. وقوله:"يميني في يمينك" ليس بلفظ معظم، وإن كان حلف بعتق أو طلاقٍ.
قال المزني: قلت للشافعي: فإن يميني في يمينك بالطلاق فحلف أعليه شيء؟ فقال: لا يمين إلا على الحالف دون صاحبه. قال أصحابنا: معناه إذا لم ينو، فإذا نوى اليمين بالطلاق فحلف صاحبه لزمه؛ لأن اليمين بالطلاق والعتاق ينعقد بالكناية مع النية كما تنعقد بالصريح، وقد نص الشافعي - رضي الله عنه - على مثل هذا في الإيلاء، فقال:"إذا قال لإحدى نسائه:؛ والله لا أصبتك فقد آلى منها، فإن قال لأخرى: فقد أشركتك معها لم يكن موليًا من الثانية وإن نوى اليمين؛ لأن اليمين بالله تعالى لا تقع بالكناية، ولو قال لإحدى نسائه إن طلقتك فأنت طالق فقد آلى منها، فإن قال لأخرى: فقد أشركتك معها، فإن لم يكن نية لم يكن موليًا من الثانية، وإن كان له نية صار موليًا منهما جميعًا". هكذا ذكر القاضي الطبري.
قال بعض أصحابنا: سؤال المزني أن يكون الآخر لم يحلف بعد، وإنما أراد إذا حلف، فإذا قال: يميني في يمينك، يعني إذا حلفت [٥٧/ ب] يلزمني ما يلزمك، لا يتعلق به حلف بالله تعالى، أو بالطلاق نوى أو لم ينو؛ لأن حمل اليمين إنما يصير على يمين موجودة، ويمين الثاني لم توجد بعد، والذي يدل على أن صورة المسألة هكذا أنه لو قال: قلت له، فإن قال يميني في يمينك بالطلاق فحلف، وهذا يقتضي أنه استأنف الحلف بعد هذا القول، فإن كان حلف ذلك الرجل ثم قال: هو هذا، أن ينوي أن ينعقد له وإلا فلا، وهذا أظهر في مسألة الإيلاء وحد الحلف ثم شرك.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: اختلف أصحابنا فيما نقل المزني - رحمه الله -، فمنهم من غلط فيه، وإذا حلف بالطلاق فقال الآخر: يميني في يمينك، أي أنا معلق طلاق امرأتي كما علقت يصح، وكذلك لو قال ذلك ثم حلف المخاطب بعد.
ومنهم من صحح ما نقله المزني وقال: التشريك والكناية في اليمين لا يصح بخلاف التشريك في نفس الطلاق، فلو حنث رجل بالطلاق فقال آخر يميني في يمينك وأراد وقوع الطلاق على امراته تطلق امرأته ويكون كناية في الطلاق، وكذلك لو قال قبل حنث الحالف: يميني في يمينك، أي إذا وجدت الصفة وطلقت امرأتك فامرأتي طالق أيضًا، فهذا تعليق نفس الطلاق بصفة فيصح ذلك، فحصل وجهان إذا لم يكن حنث الأول فقال هذا.