الأصل في الشهادات الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب: فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} [البقرة: (٢٨٢)] ١ لآية.
فذكر الشهادة في هذه الآية في ثلاثة مواضع فقال:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} ثم قال: {وَأَشْهِدُوَا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} ثم قال: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}[البقرة: ٢٨٣] فلما توعد على كتمان الشهادة دل على أنه إذا ظهر تعلق الحكم بها، وأيضًا قوله تعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: (٢)].
وأما السنة فما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الشهادة فقال:((ترى الشمس فقال: نعم، فقال: مثلها فاشهد أو دع)) وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ذكر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يشهد بشهادة فقال:((أما أنت يا ابن عباس فلا تشهد إلا على أمر يضيء لك كضياء هذه الشمس وأومأ بيده [(١٢) / ١٠٥ ب] إلى الشمس)) وأيضًا روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خبر الحضرمي والكندي ((شاهداك أو يمينه ليس لك غيره)).
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ((من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال)) والردغة الوحل الشديد يقال: ارتدغ الرجل إذا ارتطم في الوحل.
وأما الإجماع فلا خلاف بين المسلمين فيها والحاجة داعية إليها، فإذا تقرر هذا فالحقوق على ضربين: حق الله تعالى وحق الآدمي، فأما حقوق الآدمي فعلى ثلاثة أضرب:
أحدها: ما ليس بمالٍ ولا المقصود منه المال ويطلع عليه الرجال كالنكاح والطلاق والرجعةً والعتق والكتابة والتدبير والنسب والولاء وعقد الوكالة وإثبات البلوغ والموت وجرح الشهود وعدالتهم وإثبات الإسلام في الردة والإيلام والظهار وانقضاء العدة والإقرار بالاستيلاد والجناية الموجبة للقود فلا يقبل فيها إلا شهادة ذكرين حرين فقط.
والثاني: ما كان مالًا كالغصب والقرض والمقصود منه المال كالبيع والإجارة