يزوجها، لأن عبد الرحمن بغيبته لا تزول ولايته وينوب السلطان عنه عندنا. وعند أبي حنيفة وينوب عنه من بعده من الأولياء وعند مالك فكرة عبد الرحمن أن لم يستأذن فيه ويطالع به ويكون إضافة العقد إلى عائشة. وإن لم تكن العاقدة لمكان اختيارها وسفارتها كما يضاف العقد إلى السفير بين الزوجين فيقال فلانة الدلالة قد زوجت فلانًا لفلانة وإن لم تكن قد باشرت العقد وتولته.
والثالث: أنه يجوز أن يكون عبد الرحمن وكل عائشة في أن توكل عنه من يزوج بنته فوكلت عائشة عن عبد الرحمن حين استقر رأيها على تزويج منذر من زوجها عنه فكان الوكيل المتولي للعقد وكيلًا لعبد الرحمن لا لعائشة كما توهم المزني فقال: إذا لم يكن لها أن تزوج فوكيلها بمثابتها لا يجوز له أن يزوج وهي لم توكل عن نفسها وإنما وكلت عن أخيها، وإنما يجوز أن تكون المرأة في توكيل من يزوج عن الموكل.
وأما الجواب عن الأقيسة الثلاث في البيع والإجازة وشراء الأمة، فهو أنها عقود لا تفتقر إلى ولاية فجاز أن تتولاها المرأة بخلاف النكاح، والله أعلم.
[باب الكلام الذي ينعقد به النكاح والخطبة قبل العقد]
قال: الشافعي رحمه الله: "أسمى الله تبارك وتعالى النكاح في كتابه باسمين: النكاح والتزويج ودلت السنة على أن الطلاق يقع بما يشبه الطلاق ولم نجد في كتاب ولا سنة إحلال نكاح إلا بنكاح أو تزويج والهبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مجمع أن ينعقد له بها النكاح بأن تهب نفسها له بلا مهر. وفي هذا دلالة على أنه لا يجوز النكاح إلا باسم التزويج أو النكاح".
قال في الحاوي: وهذا كما قال، النكاح لا ينعقد إلا بصريح اللفظ دون كتابته، وصريحه لفظان: زوجتك وأنكحتك، فلا ينعقد النكاح إلا بهما سواء ذكر فيه مهرًا أو لم يذكر. وقال أبو حنيفة: ينعقد النكاح بالكتابة كانعقاده الصريح، فيجوز انعقاده بلفظ البيع والهبة والتمليك ولم يجزه بالإباحة. واختلف الرواة عنه في جوازه بلفظ الإجازة، وسواء ذكر المهر أو لم يذكره. وقال مالك: إن ذكر مع هذه الكتابات المهر صح، وإن لم يذكره لم يصح، فاستدلوا على انعقاد النكاح بالكتابة برواية معمر عن أبي حازم بن سهل بن سعد الساعدي: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوهبت له نفسها فصمت، ثم عرضت نفسها عليه وهو صامت فقال رجل أحسبه قال: من الأنصار فقال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجينها؟ فقال:"لك شيء"؟ قال: لا والله يا رسول الله، قال:"اذهب فالتمس شيئًا ولو خاتم من حديد". فذهب ثم رجع فقال: والله ما وجدت شيئًا إلا ثوبي هذا، أشقه بيني وبينها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليك ما في ثوبك فضل عنك، فهل تقرأ